اعْتِقَادًا أَتَى بِهِ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُؤْتَ بِنَحْوِ تَشَهُّدٍ أَوَّلَ أَوْ سُجُودِ تِلَاوَةٍ تَرَكَهُ إمَامُهُ؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ خِلَالَ الصَّلَاةِ فَتَخْتَلُّ الْمُتَابَعَةُ بِخِلَافِ مَا هُنَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْتِي بِهِ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ كَمَا تَقَرَّرَ.
(فَرْعٌ) سَجَدَ الْإِمَامُ بَعْدَ فَرَاغِ الْمَأْمُومِ الْمُوَافِقِ مِنْ أَقَلِّ التَّشَهُّدِ وَافَقَهُ وُجُوبًا فِي السُّجُودِ فَإِنْ تَخَلَّفَ تَأَتَّى فِيهِ مَا مَرَّ آنِفًا وَنَدْبًا فِيمَا يَظْهَرُ فِي السَّلَامِ خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ بَعْضِهِمْ؛ لِأَنَّ لِلْمَأْمُومِ التَّخَلُّفَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ أَوْ قَبْلَ أَقَلِّهِ تَابَعَهُ وُجُوبًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْخَادِمِ كَالْبَحْرِ ثُمَّ يُتِمُّ تَشَهُّدَهُ
ــ
[حاشية الشرواني]
نَفْسَهُ وَيُتِمُّ لِنَفْسِهِ وَيَسْجُدُ آخِرَ صَلَاتِهِ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ يَنْوِي الْمُفَارَقَةَ إذَا قَامَ لِيَأْتِيَ بِمَا عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ لِقَوْلِهِمْ وَتَنْقَضِي الْقُدْوَةُ بِسَلَامِ الْإِمَامِ اهـ.
(قَوْلُهُ اعْتِقَادًا أَتَى بِهِ إلَخْ) مِنْهُ أَنْ يَقْتَدِيَ الشَّافِعِيُّ بِالْحَنَفِيِّ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فَيُسَنُّ لِلشَّافِعِيِّ السُّجُودُ قُبَيْلَ سَلَامِهِ وَبَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ سَوَاءٌ أَتَى الْمَأْمُومُ بِالْقُنُوتِ أَوْ لَمْ يَأْتِ بِهِ؛ لِأَنَّ سُجُودَهُ لِتَرْكِ إمَامِهِ الْقُنُوتَ لَا لِتَرْكِ نَفْسِهِ لِأَنَّ تَرْكَهُ يَتَحَمَّلُهُ الْإِمَامُ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اقْتَدَى الشَّافِعِيُّ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ بِمَنْ يُصَلِّي الظُّهْرَ أَوْ سُنَّةَ الصُّبْحِ مَثَلًا لَا يُطْلَبُ مِنْهُ سُجُودُ السَّهْوِ سَوَاءٌ أَقَنَتَ الْمَأْمُومُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ تَرْكَ الْمَأْمُومِ لَهُ يَتَحَمَّلُهُ عَنْهُ الْإِمَامُ وَصَلَاةُ الْإِمَامِ لَمْ يَدْخُلْهَا نَقْصٌ يَقْتَضِي السُّجُودَ فِي عَقِيدَةِ الْمَأْمُومِ إذْ لَا قُنُوتَ عِنْدَ الْمَأْمُومِ فِي الظُّهْرِ وَسُنَّةِ الصُّبْحِ حَتَّى يَسْجُدَ لِتَرْكِ إمَامِهِ لَهُ وَاعْلَمْ أَنَّ سُجُودَ الشَّافِعِيِّ لِلسَّهْوِ خَلْفَ الْحَنَفِيِّ لَا يَخْتَصُّ بِصَلَاةِ الصُّبْحِ بَلْ الظَّاهِرُ طَلَبُ السُّجُودِ مِنْ الشَّافِعِيِّ إذَا صَلَّى خَلْفَ الْحَنَفِيِّ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَإِنْ لَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَنَفِيَّ لَا يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ بِحَيْثُ لَوْ صَلَّى فِيهِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَبِتَرْكِهِ لِلصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ يَتَوَجَّهُ سُجُودُ السَّهْوِ عَلَى الْمَأْمُومِ فَتَنَبَّهْ لَهُ، الْكُرْدِيُّ أَقُولُ قَدْ يُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقُنُوتِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكَوْنِ الْأَوَّلِ جَهْرِيًّا وَالثَّانِي سِرِّيًّا فَلَا يَعْلَمُ الْمَأْمُومُ تَرْكَ إمَامِهِ الْحَنَفِيِّ لَهَا لِاحْتِمَالِ تَقْلِيدِهِ لِمَنْ يَرَى الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ كَالشَّافِعِيِّ وَفِي الْحَاشِيَةِ الشَّامِيَّةِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ مِنْ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ مَا نَصُّهُ هَذَا كُلُّهُ أَيْ وُجُوبُ سُجُودِ السَّهْوِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا. فَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْحَاوِي أَنَّهُ عَلَى قَوْلِهِمَا لَا يَجِبُ السَّهْوُ مَا لَمْ يَبْلُغْ إلَى قَوْلِهِ حَمِيدٌ مَجِيدٌ اهـ.
وَيُؤَيِّدُ الْفَرْقَ الْمَذْكُورَ عَدَمُ نَقْلِ السُّجُودِ فِي غَيْرِ الصُّبْحِ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا مِنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا سَلَفًا وَخَلَفًا مَعَ شُيُوعِ مَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ فَالسُّجُودُ فِي غَيْرِ الصُّبْحِ فِي قُوَّةِ مُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ الْمَذْهَبِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ أَتَى بِهِ) أَيْ نَدْبًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ س م (قَوْلُهُ فَتَخْتَلُّ الْمُتَابَعَةُ) قَدْ يُفْهَمُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَخْتَلَّ بِأَنْ نَوَى الْمُفَارَقَةَ عَقِبَ تَرْكِ الْإِمَامِ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ أَوْ سُجُودَ التِّلَاوَةِ أَتَى بِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي تَرْكِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ دُونَ سُجُودِ التِّلَاوَةِ لِقَوْلِهِمْ إنَّ الْمَأْمُومَ يَسْجُدُ لِسَجْدَةِ إمَامِهِ لَا لِقِرَاءَتِهِ سم (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا هُنَا) أَيْ سُجُودِ السَّهْوِ (قَوْلُهُ فَرْعٌ: سَجَدَ الْإِمَامُ) إلَى قَوْلِهِ وَبَقِيَ فِي ذَلِكَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ فِيمَا يَأْتِي وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ ذِكْرُ الِاحْتِمَالَيْنِ وَتَوْجِيهُ كُلٍّ مِنْهُمَا ثُمَّ قَالَ هَذَا وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إتْمَامُ كَلِمَاتِ التَّشَهُّدِ الْوَاجِبَةِ ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ انْتَهَى مَا فِي النِّهَايَةِ وَالِاحْتِمَالَانِ مُفَرَّعَانِ عَلَى مُقْتَضَى كَلَامِ الْخَادِمِ وَالْبَحْرِ مِنْ وُجُوبِ الْمُتَابَعَةِ أَقُولُ الْقَلْبُ إلَى مَا أَفْتَى بِهِ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَمْيَلُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُتِمُّهُ وَإِنْ اسْتَمَرَّ فِيهِ حَتَّى شَرَعَ إمَامُهُ فِي الْهَوِيِّ لِلسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ بَصْرِيٌّ وَقَوْلُهُ مَا أَفْتَى بِهِ الشِّهَابُ إلَخْ فِي الْكُرْدِيِّ عَنْ الْإِيعَابِ مَا يُوَافِقُهُ وَقَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ إلَخْ يَأْتِي عَنْ سم مَا يُوَافِقُهُ.
(قَوْلُهُ الْمُوَافِقُ إلَخْ) أَيْ أَمَّا الْمَسْبُوقُ فَيُوَافِقُهُ وُجُوبًا مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ مِنْ أَقَلِّ التَّشَهُّدِ) أَيْ مَعَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سم وَفِي الْكُرْدِيِّ عَنْ الْإِيعَابِ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ وَافَقَهُ وُجُوبًا) أَيْ فَتَخَلُّفُهُ تَخَلُّفٌ بِغَيْرِ عُذْرٍ سم (قَوْلُهُ مَا مَرَّ آنِفًا) أَيْ فِي شَرْحٍ لَزِمَهُ مُتَابَعَتُهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ لِلْمَأْمُومِ التَّخَلُّفَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَأْتِي بِشَيْءٍ مِنْ أَذْكَارِ التَّشَهُّدِ وَلَا أَدْعِيَتِهِ؛ لِأَنَّ سُجُودَهُ وَقَعَ فِي مَحَلِّهِ وَلَيْسَ لِمَحْضِ الْمُتَابَعَةِ، وَسُجُودُ السَّهْوِ الْمَحْسُوبُ لَا يَعْقُبُهُ إلَّا السَّلَامُ كَمَا سَيَأْتِي مَا يُصَرِّحُ بِهِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ اُغْتُفِرَ لَهُ التَّخَلُّفُ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ ع ش رَشِيدِيٌّ عِبَارَتُهُ قَوْلُهُ لِأَنَّ لِلْمَأْمُومِ التَّخَلُّفَ إلَخْ فَلَا يَكُونُ سُجُودُهُ مَعَ الْإِمَامِ مَانِعًا لَهُ مِنْ الْأَذْكَارِ الْمَأْثُورَةِ أَوْ غَيْرِهَا اهـ.
(قَوْلُهُ أَوْ قَبْلَ أَقَلِّهِ تَابَعَهُ إلَخْ) خَالَفَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فَأَفْتَى بِأَنَّهُ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
وَلَعَلَّ الْأَوْجَهَ الثَّانِي (قَوْلُهُ: أَتَى بِهِ) أَيْ: نَدْبًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ فَتَخْتَلُّ الْمُتَابَعَةُ) قَدْ يُفْهَمُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَخْتَلَّ بِأَنْ نَوَى الْمُفَارَقَةَ عَقِبَ تَرْكِ الْإِمَامِ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ، أَوْ سُجُودَ التِّلَاوَةِ أَتَى بِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي تَرْكِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ دُونَ سُجُودِ التِّلَاوَةِ لِقَوْلِهِمْ إنَّ الْمَأْمُومَ يَسْجُدُ لِسَجْدَةِ إمَامِهِ لَا لِقِرَاءَتِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّمَا شَرْطُ سُجُودِ الْإِمَامِ مَا دَامَتْ الْقُدْوَةُ لِئَلَّا تَخْتَلَّ الْمُتَابَعَةُ، وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ أَقَلِّ التَّشَهُّدِ) أَيْ: مَعَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: وَافَقَهُ وُجُوبًا) أَيْ: فَتَخَلُّفُهُ تَخَلُّفٌ بِغَيْرِ عُذْرٍ (قَوْلُهُ: أَوْ قَبْلَ أَقَلِّهِ تَابَعَهُ وُجُوبًا) خَالَفَ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute