للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُكَلَّفًا بِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ؛ لِأَنَّا نُقِرُّهُ عَلَى تَرْكِهِ وَلَا نُعَامِلُهُ بِقَضِيَّةِ كُفْرِهِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مَعْنَى إقْرَارِهِ عَدَمُ التَّعَرُّضِ لَهُ لَا مُعَاوَنَتُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْجِزْيَةِ (وَإِطَاقَتُهُ حِسًّا وَشَرْعًا) فَلَا يَلْزَمُ عَاجِزًا بِمَرَضٍ أَوْ كِبَرٍ إجْمَاعًا وَلَا حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُطِيقَانِهِ شَرْعًا وَوُجُوبُ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمَا إنَّمَا هُوَ أَمْرٌ جَدِيدٌ وَقِيلَ وَجَبَ عَلَيْهِمَا ثُمَّ سَقَطَ وَعَلَيْهِمَا يَنْوِيَانِ الْقَضَاءَ لَا الْأَدَاءَ عَلَى الْأَوَّلِ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ فُعِلَ خَارِجَ وَقْتِهِ الْمُقَدَّرِ لَهُ شَرْعًا أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ اسْتَغْرَقَ نَوْمُهُ الْوَقْتَ يَنْوِي الْقَضَاءَ وَإِنْ لَمْ يُخَاطَبْ بِالْأَدَاءِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ مَنْ عَبَّرَ بِوُجُوبِهِ عَلَى نَحْوِ حَائِضٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَسَكْرَانَ مُرَادُهُ وُجُوبُ انْعِقَادِ سَبَبٍ لِيَتَرَتَّبَ عَلَيْهِمْ الْقَضَاءُ لَا وُجُوبُ التَّكْلِيفِ لِعَدَمِ صَلَاحِيَّتِهِمْ لِلْخِطَابِ وَمَرَّ أَنَّ الْمُرْتَدَّ مُخَاطَبٌ بِهِ خِطَابَ تَكْلِيفٍ لِصَلَاحِيَّتِهِ لِذَلِكَ وَمَنْ أَلْحَقَهُ بِأُولَئِكَ فَمُرَادُهُ أَنَّهُ بِوَصْفِ الرِّدَّةِ لَا يُخَاطَبُ بِهِ أَصَالَةً بَلْ تَبَعًا لِمُخَاطَبَتِهِ بِالْإِسْلَامِ عَيْنًا الْمُسْتَلْزِمِ لِذَلِكَ فَكَانَ خِطَابُهُ بِهِ بِمَنْزِلَةِ الْخِطَابِ بِالصَّوْمِ لِانْعِقَادِ السَّبَبِ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ وَلَا يُرِيدُ الْكَافِرَ الْأَصْلِيَّ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ خُوطِبَ بِالْإِسْلَامِ يُكْتَفَى مِنْهُ بِبَذْلِ الْجِزْيَةِ

ــ

[حاشية الشرواني]

؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُكَلَّفًا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ) لَا يَخْفَى ضَعْفُ الِاحْتِجَاجِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ فِي الدُّنْيَا بِالْأَحْكَامِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ وَمِمَّا يُبْطِلُهُ عِقَابُهُ فِي الْآخِرَةِ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ فَرْعُ مُخَاطَبَتِهِ بِهَا فِي الدُّنْيَا؛ إذْ لَا يُعَاقَبُ أَحَدٌ عَلَى مَا لَمْ يُخَاطَبْ بِهِ وَإِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ أَوْ غَيْرِهِ بِأَدَائِهَا مَعَ كَوْنِهِ مُخَاطَبًا بِهَا فَهَذَا لَا يُعَارِضُ أَنَّ تَرْكَهُ الصَّوْمَ تَلَبُّسٌ بِمَعْصِيَةٍ وَأَنَّ إعَانَتَهُ عَلَيْهِ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ سم قَوْلُ الْمَتْنِ (وَإِطَاقَتُهُ) أَيْ: الصَّوْمِ وَالصِّحَّةِ وَالْإِقَامَةِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَا حَائِضًا إلَخْ) أَيْ وَلَا مُسَافِرًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.

(قَوْلُهُ لَا يُطِيقَانِهِ) التَّذْكِيرُ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي لِتَأْوِيلِ الشَّخْصَيْنِ.

(قَوْلُهُ عَلَيْهِمَا) أَيْ: وَعَلَى الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ وَالسَّكْرَانِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.

(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِمَا) أَيْ: عَلَى كُلٍّ مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ.

(قَوْلُهُ عَلَى الْأَوَّلِ) الْأَوْلَى أَنْ يُؤَخِّرَهُ عَنْ قَوْلِهِ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ.

(قَوْلُهُ وَبِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ: بِقَوْلِهِ وَلَا حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُطِيقَانِهِ شَرْعًا إلَخْ.

(قَوْلُهُ إنَّ مُرَادَهُ وُجُوبُ انْعِقَادِ سَبَبٍ) وَهُوَ دُخُولُ الْوَقْتِ وَالْمُرَادُ بِانْعِقَادِهِ وُجُودُهُ وَإِضَافَةُ وُجُوبٍ مِنْ إضَافَةِ الْمُسَبَّبِ لِلسَّبَبِ أَوْ بَيَانِيَّةٌ هَذَا عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ لَا بِأَمْرٍ جَدِيدٍ بُجَيْرِمِيٌّ وَقَالَ سم قَوْلُهُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ إنَّمَا هُوَ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ يُقَيَّدُ أَنَّ وُجُوبَ انْعِقَادِ السَّبَبِ لِكَوْنِ الْقَضَاءِ فِيهِ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِيمَا سَبَقَ أَنَّ وُجُوبَ الْقَضَاءِ عَلَى الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ وَذَكَرَ هُنَا أَنَّ الْوُجُوبَ عَلَيْهِمَا وُجُوبُ انْعِقَادِ سَبَبٍ اهـ.

(قَوْلُهُ وَمَرَّ إلَخْ) أَيْ: آنِفًا.

(قَوْلُهُ وَمَنْ أَلْحَقَهُ إلَخْ) الْمُلْحِقُ الشَّارِحُ الْمَحَلِّيُّ وَحَكَمَ بِسَهْوِهِ بِذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ قَالَ فَإِنَّ وُجُوبَهُ وُجُوبُ تَكْلِيفٍ اهـ أَيْ لَا وُجُوبُ انْعِقَادِ سَبَبٍ وَإِلَّا لَمْ يُعَاقَبْ فِي الْآخِرَةِ إذَا مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ كَمَا لَا يُعَاقَبُ هَؤُلَاءِ إذَا مَاتُوا عَلَى حَالِهِمْ سم وَحَكَمَ بِسَهْوِهِ أَيْضًا الْمُغْنِي وَكَذَا النِّهَايَةُ ثُمَّ قَالَ نَعَمْ يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ كَلَامِ الشَّارِحِ بِأَنَّ وُجُوبَ انْعِقَادِ سَبَبٍ فِي حَقِّهِ لَا يُنَافِي الْقَوْلَ بِكَوْنِ الْخِطَابِ لَهُ خِطَابَ تَكْلِيفٍ اهـ.

(قَوْلُهُ لِذَلِكَ) أَيْ: الْمُخَاطَبَةِ بِالصَّوْمِ.

(قَوْلُهُ لِانْعِقَادِ السَّبَبِ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ) أَيْ: مِنْ حَيْثُ مُخَاطَبَتُهُ بِالْإِسْلَامِ عَيْنًا إلَخْ (قَوْلُهُ يُكْتَفَى مِنْهُ بِبَذْلِ الْجِزْيَةِ) فِيهِ بَحْثٌ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الِاكْتِفَاءَ مِنْهُ بِذَلِكَ إنَّمَا هُوَ عَنْ تَعَرُّضِنَا لَهُ بِالْأَمْرِ وَنَحْوِهِ وَهَذَا لَا يَقْتَضِي عَدَمَ مُخَاطَبَتِهِ مُطْلَقًا حَتَّى يُفَرِّعَ عَلَيْهِ عَدَمَ الِاسْتِلْزَامِ الْمَذْكُورِ وَكَيْفَ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

يَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَجَوَازِ الْإِذْنِ لَهُ فِي دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَإِنْ كَانَ جُنُبًا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُكَلَّفًا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ إلَخْ) لَا يَخْفَى ضَعْفُ الِاحْتِجَاجِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِكَوْنِهِ لَيْسَ مُكَلَّفًا بِالنِّسْبَةِ لِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ فِي الدُّنْيَا بِالْأَحْكَامِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ وَمِمَّا يُبْطِلُهُ عِقَابُهُ فِي الْآخِرَةِ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ فَرْعُ مُخَاطَبَتِهِ بِهَا فِي الدُّنْيَا؛ إذْ لَا يُعَاقَبُ أَحَدٌ عَلَى مَا لَمْ يُخَاطَبْ بِهِ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ أَوْ غَيْرِهِ بِأَدَائِهَا مَعَ كَوْنِهِ مُخَاطَبًا بِهَا فَهَذَا لَا يُعَارِضُ أَنَّ تَرْكَهُ الصَّوْمَ تَلَبُّسٌ بِمَعْصِيَةٍ وَأَنَّ إعَانَتَهُ عَلَيْهِ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ نَعَمْ حُرْمَةُ إطْعَامِهِ تُشْكِلُ بِجَوَازِ الْإِذْنِ لَهُ فِي دُخُولِ الْمَسْجِدِ إذَا كَانَ جُنُبًا فَيَحْتَاجُ لِفَرْقٍ وَاضِحٍ بَيْنَهُمَا.

(قَوْلُهُ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ) قَدْ يُتَّجَهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَلَى قَوْلٍ حَكَاهُ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ أَنَّ عَلَيْهَا أَحَدَ الشَّهْرَيْنِ (قَوْلُهُ مُرَادُهُ وُجُوبُ انْعِقَادِ سَبَبٍ) هَذَا مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ إنَّمَا هُوَ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ يُفِيدُ أَنَّ وُجُوبَ انْعِقَادِ السَّبَبِ لِكَوْنِ الْقَضَاءِ فِيهِ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِيمَا سَبَقَ أَنَّ وُجُوبَ الْقَضَاءِ عَلَى الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ وَذَكَرَ هُنَا أَنَّ الْوُجُوبَ عَلَيْهِمَا وُجُوبُ انْعِقَادِ سَبَبٍ اهـ.

(قَوْلُهُ وَمَنْ أَلْحَقَهُ بِأُولَئِكَ إلَخْ) الْمُلْحِقُ بِهَؤُلَاءِ الشَّارِحُ الْمَحَلِّيُّ وَحَكَمَ بِسَهْوِهِ بِذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ قَالَ فَإِنَّ وُجُوبَهُ وُجُوبُ تَكْلِيفٍ اهـ أَيْ: لَا وُجُوبُ انْعِقَادِ سَبَبٍ وَإِلَّا لَمْ يُعَاقَبْ فِي الْآخِرَةِ إذَا مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ كَمَا لَا يُعَاقَبُ هَؤُلَاءِ إذَا مَاتُوا عَلَى حَالِهِمْ وَفِي هَامِشِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الْبُرُلُّسِيِّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ وَمَنْ أَلْحَقَ بِهِمْ الْمُرْتَدُّ يُرِيدُ الشَّيْخَ جَلَالَ الدِّينِ الْمَحَلِّيَّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَغَرَضُ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَعْنِي شَارِحَ الْمَنْهَجِ أَنَّ الْمُرْتَدَّ يُعَاقَبُ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ وَيَجِبُ قَضَاؤُهَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَقَضِيَّةُ إلْحَاقِهِ بِالْحَائِضِ وَنَحْوِهَا عَدَمُ الْعِقَابِ فِي الْآخِرَةِ إذَا مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ جَلَالِ الدِّينِ ظَاهِرُهَا أَنَّ حُكْمَهُ كَالْحَائِضِ وَلَكِنْ مَنْ تَأَمَّلَهَا أَوَّلًا وَآخِرًا اسْتَفَادَ مِنْهَا هَذَا الَّذِي حَاوَلَهُ الشَّارِحِ نَعَمْ إنْ كَانَ غَرَضُ الشَّارِحِ أَنَّ الْمُرْتَدَّ يُطَالَبُ بِهَا أَيْضًا فِي الدُّنْيَا بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا بَعْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ وَلَا كَذَلِكَ الْكَافِرُ الْأَصْلِيُّ اتَّجَهَ اعْتِرَاضُهُ إنْ لَمْ يَصِحَّ مِثْلُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ اهـ.

(قَوْلُهُ يَكْتَفِي مِنْهُ بِبَذْلِ الْجِزْيَةِ) فِيهِ بَحْثٌ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الِاكْتِفَاءَ مِنْهُ بِذَلِكَ إنَّمَا هُوَ عَنْ تَعَرُّضِنَا لَهُ بِالْأَمْرِ وَنَحْوِهِ وَهَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>