للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والقلب هو وعاء التواضع أو الكبر؛ لما رواه مسلم وأبو داود بسنده عن عِيَاضِ بنِ حِمَارٍ -رضي الله عنه- أَنَّهُ قال: قال رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ الله أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا، حَتَّى لا يَبْغِي أَحَدٌ إِلَى أَحَدٍ، وَلا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ» (١).

كما أن الكِبْر في القلب؛ لقوله تعالى: {إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ} [غافر: ٥٦]، ولما رواه مسلم بسنده عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه-، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ» (٢).

والقلب هو وعاء الاطمئنان أو القلق والاضطراب؛ لقوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: ٢٨].

والقلب هو وعاء الفلاح أو الخسران؛ لقوله تعالى: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (٨٨) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: ٨٨ - ٨٩]، ولما رواه البخاري ومسلم بسندهما عن النعمان بن بشير -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول -وأهوى النعمان بإصبعيه إلى أذنيه-: «ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله؛ ألا وهي القلب» (٣).

وفي الحقيقة لو استرسلنا وراء النصوص المحكمة قرآنًا وسنة حول أهمية القلب فربما احتاج منا بحثًا مستقلا، وإنني أدعو من يريد السير إلى الله ممتطيًا سفينة قلبه أن يختم القرآن مرة باحثًا عن أهمية القلب، وأنواعه في القرآن الكريم؛ فسيجد فيوضات ربانية، ودقائق إيمانية، تحمله على أن يسعى بجد نحو إصلاح قلبه.


(١) أخرجه أبو داود في السنن (٤/ ٢٧٤ رقم ٤٨٩٥)، والبخاري في الأدب المفرد (٣١٩ رقم ٤٢٨)، وصححه الألباني.
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه (١/ ٩٣ رقم ١٧٤).
(٣) أخرجه البخاري (١/ ٢٠ رقم الحديث ٥٢)، ومسلم (٣/ ١٢١٩ رقم ١٥٩٩).

<<  <   >  >>