للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

درهماً، كل شهر درهم وشيء يسير» (١) وهذا الرقم لا يصدقه عقل ولا يقبل به عاقل، بل بالغ - رحمه الله - عندما قال: (واعلم أنا لو أردنا استيعاب مناقب الشيخ لضاقت بنا الأوراق، وكلت الأقلام، ومن أراد معرفة قدره، وأن يمتلئ قلبه من حبه، فعليه بكتاب «تبيين كذب المفتري، فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري» الذي صنفه الحافظ ابن عساكر، وهو من أجل الكتب وأعظمها فائدة، وأحسنها. فيقال: كل سُنِّي لا يكون عنده كتاب «التبيين» لابن عساكر فليس من أمر نفسه على بصيرة. ويقال: لا يكون الفقيه شافعياً على الحقيقة حتى يحصل كتاب «التبيين» لابن عساكر. وكان مشيختنا يأمرون الطلبة بالنظر فيه) (٢). قلت: وهذه من المبالغات العظيمة، فالذي تضيق الأوراق عن مدحه وتكل الأقلام هو: رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. بل ومن المؤسف أنه قيد السنية بكتاب التبيين، وهذا أمر عجيب وتحكم غريب أن يوصف الإنسان بالسنية ويحكم عليه من خلال اقتناء كتاب من كتب المناقب، وبخاصة أن هناك من قدح بالكتاب وانتقده، فها هو أحد الأشاعرة يقول منتقداً: «وكتاب ابن عساكر هذا هو أوسع المصادر لدينا عن الأشعري، إلا أنه ملئ بالبشارات والرؤى والأشعار، مما يجعله بعيد الصلة عن المنهج العلمي، ولذلك يجب أن نأخذ ما يقوله ابن عساكر بحذر، فهو كتاب في المناقب


(١) الطبقات ٣/ ٣٥١.
(٢) طبقات الشافعية ٣/ ٣٥١، ٣٥٢.

<<  <   >  >>