للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كل مبتدع ومراءٍ، ثم ذكر قصة المناظرة (١)، ثم قال: ولهذه المناظرة دلالة على أن الله - تعالى - خص من شاء برحمته، وخص آخر بعذابه، وإلى أبي الحسن انتهت رئاسة الدنيا في الكلام، وكان في ذلك المقدم المقتدى الإمام» (٢). قلت: ولاشك بأن هناك مبالغات في مدحه - رحمه الله - والثناء عليه وإعطائه منزلة أعلى من منزلته ومثال ذلك السبكي عندما بالغ في مدحه وذكر عنه: «أنه مكث عشرين سنة يصلي الصبح بوضوء العتمة» (٣) وهذا الخبر لا يشك عاقل بعدم صحته بل ومخالفته للسنة النبوية، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- حذر من مثل هذه الأعمال، فقال: «أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني» (٤). والأحاديث في مثل هذا المعنى كثيرة، فإذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي ويرقد فهل يسوغ لأحد مخالفته؟ لاشك بأن هذه مبالغة ومناقب لا تعلي من قدره؛ لأن فيها مخالفة للسنة. ومن هذه المبالغات قول السبكي: «وكانت نفقته في كل سنة سبعة عشر


(١) انظر ص ١٢٣ من هذه الرسالة.
(٢) انظر شذرات الذهب ٤/ ١٢٩، ١٣١.
(٣) طبقات الشافعية ١٣/ ٣٥١
(٤) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، حديث رقم ٥٠٦٣ ومسلم في كتاب النكاح باب استحباب النكاح حديث رقم ١٤٠١.

<<  <   >  >>