للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله،

ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه،

ــ

جاءت أحاديث كثيرة صحيحة في الوصية بهن وبيان حقوقهن والتحذير من التقصير في ذلك فليراجعها من شاء في الترغيب والترهيب للمنذري ورياض الصالحين للنووي (فإنكم أخذتموهن بأمان الله) أي بعهده وهو ما عهد إليكم فيهن. قال النووي: هكذا في كثير من أصول مسلم ((بأمان الله)) بلا هاء، وفي بعضها ((بأمانة الله)) قلت: وكذا أي بالهاء وقع عند أبي داود والشافعي وابن الجارود وابن ماجة والبيهقي. قال الزرقاني: أي بأن الله ائتمنكم عليهن فيجب حفظ الأمانة وصيانتها بمراعاة حقوقها والقيام بمصالحها الدينية والدنيوية، وما وقع في كثير من أصول مسلم يقوي أن في قوله ((أخذتموهن)) دلالة على أنها كالأسيرة المحبوسة عند زوجها، وله التصرف فيها والسلطنة عليها حسبما بينه الشرع، ويوافقه قوله في رواية أخرى ((فإنهن عوان عندكم)) جمع عانية وهي الأسيرة، لكنها ليست أسيرة خائفة كغيرها من الأسراء بل هي أسيرة آمنة (واستحللتم فروجهن بكلمة الله) في معناه أربعة أقوال، الأول: أن المراد بكلمة الله أمره وحكَّمه وإباحته المنزلة في كتابه وهو قوله {فانكحوا ما طاب لكم من النساء} (٤: ٣) قال النووي: هذا هو الصحيح، ورجحه القرطبي في المفهم إذ قال: فإن حكم الله كلامه المتوجه للمحكوم عليه على جهة الاقتضاء أو التخيير. الثاني: المراد كلمة التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله، إذ لا تحل مسلمة لغير مسلم. الثالث: المراد كلمة النكاح التي يستحل بها الفروج، أي الصيغ التي ينعقد بها النكاح من الإيجاب والقبول لأن الله تعالى أمر بها. الرابع: أن المراد قوله تعالى {فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} (٢: ٢٢٩) قال الخطابي: هذا أحسن الوجوه. (ولكم عليهن) أي من الحقوق لما ذكر - صلى الله عليه وسلم - استحلال الزوج بكلمة الله وعلم منه تأكيد الصحبة بين الزوجين انتقل إلى بيان ما على كل واحد منهما من الحقوق، وبدأ بحق الأزواج لأنهم المخاطبون (أن لا يوطئن) بهمزة أو بإبدال التخفيف صيغة جمع الإناث من الإيطاء أي من باب الإفعال (فرشكم أحدًا تكرهونه) أي تكرهون دخوله في بيوتكم، وعبر عن بفرش لأن الداخل يطأ المنزل الذي يدخل فيه. قال المازري: قيل المراد بذلك أن لا يستخلين بالرجال ولم يرد زناها، لأن ذلك يوجب حدها، ولأن ذلك حرام مع من يكرهه الزوج ومن لا يكرهه. وقال الخطابي: معنى الحديث أن لا يأذن لأحد من الرجال يدخل فيتحدث إليهن، وكان الحديث من الرجال إلى النساء من عادات العرب ولا يرون بذلك عيبًا ولا يعدونه ريبة، فلما نزلت آية الحجاب ثار النساء مقصورات، ونهى عن محادثتهن والقعود إليهن، وليس المراد بوطئي الفرش هنا نفس الزنا لأنه محرم على الوجوه كلها. فلا معنى لاشتراط الكراهية فيه، ولو أريد الزنا لكان الضرب الواجب فيه هو المبرح الشديد والعقوبة المؤلمة من الرجم دون الضرب الذي ليس بمبرح. وذكر القاضي عياض نحوه. وقال النووي بعد ذكر كلام المازري

<<  <  ج: ص:  >  >>