للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث. وكان مسترضعًا في بني سعد فقتله هذيل.

ــ

نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة} (٧: ١٧١) كانوا يستبيحون دماءهم وأموالهم في الجاهلية في غير الأشهر الحرام ويحرمونها فيها، كأنه قيل: إن دماءكم وأموالكم محرمة عليكم أبدًا كحرمة الثلاث – انتهى. (ألا) بالفتح والتخفيف للتنبيه. (كل شيء من أمر الجاهلية) يعني الذي أحدثوه والشرائع التي شرعوها في الحج وغيره قبل الإسلام (تحت قدميَّ) بتشديد الياء مثنى (موضوع) أي مردود وباطل حتى صار كالشيء الموضوع تحت القدمين. قال في اللمعات: يحتمل أن يكون قوله ((موضوع)) ، وقوله ((تحت قدميَّ)) خبرين، أو الخبر هو موضوع وتحت ظرف له وهو الأظهر، والمراد بالوضع تحت القدم إبطاله وتركه، وتقول العرب في الأمر الذي لا يكاد يراجعه ويذكره ((جعلت ذلك تحت قدميّ)) . (ودماء الجاهلية موضوعة) أي متروكة لا قصاص ولا دية ولا كفارة. أعادها للاهتمام أو لييني عليه ما بعده من الكلام، قاله القاري. وقال الولي العراقي: يمكن أنه عطف خاص على عام لاندراج دمائها في أمورها، ويمكن أنه لا يندرج لحمل أمورها على ما ابتدعوه وشرعوه. وإيجاب القصاص على القاتل ليس مما ابتدعوه، وإنما أريد قطع النزاع بإبطال ذلك، لأن منها ما هو حق، ومنها ما هو باطل، وما يثبت وما لا يثبت (وإن أول دم أضع) أي أضعه وأتركه (من دمائنا) أي من دماء أهل الإسلام يعني أبدأ في وضع الدماء التي يستحق المسلمون ولايتها بأهل بيتي وأقاربي. قال النووي: فيه أن للإمام وغيره ممن يأمر بمعروف وينهى عن منكر ينبغي أن يبدأ بنفسه وأهله فهو أقرب إلى قبول قوله وإلى طيب نفس من قرب عهده بالإسلام (دم ابن ربيعة بن الحارث) أي ابن عبد المطلب، واسم هذا الابن إياس، قاله الجمهور والمحققون، وقيل حارثة، وقيل تمام، وقيل آدم، وقال الدارقطني: وهو تصحيف. ولبعض رواة مسلم وأبي داود ((دم ربيعة)) وهو وهم، لأن ربيعة عاش حتى توفي زمن عمر سنة ثلاث وعشرين، وتأوله أبو عبيد بأنه نسبه إليه لأنه ولي دم ابنه، وهو حسن ظاهر، به تتفق الروايتان. وربيعة هذا هو ابن عم النبي - صلى الله عليه وسلم - يكنى ((أبا أروى)) وكان أسن من عمه العباس بسنتين، صحابي، روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحاديث، توفي في أول خلافة عمر، وقيل في أواخرها سنة ثلاث وعشرين (وكان) كذا في جميع النسخ من المشكاة والمصابيح، وفي صحيح مسلم والمنتقى لابن الجارود ((كان)) أي بدون واو العاطفة، وهكذا ذكره المحب الطبري (مسترضعًا) على بناء المجهول، أي كان لهذا الابن ظئر ترضعه من بني سعد (فقتله) أي ابن ربيعة، وقوله ((فقتله)) كذا في جميع النسخ من المشكاة أي بصيغة المذكر، وفي صحيح مسلم ((فقتلته)) بلفظ التأنيث، وهكذا عند أبي داود وابن الجارود، وكذا في المصابيح (هُذَيل) بهاء مضمومة فمعجمة مفتوحة، وكان ابن ربيعة هذا طفلاً صغيرًا، يحبو بين البيوت فأصابه حجر في حرب بني سعد مع قبيلة هُذَيل

<<  <  ج: ص:  >  >>