للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نوقش من وجهين:

الوجه الأول:

أما المطلقة البائن, فالآية مخصوصة بحديث فاطمة بنت قيس -رضي الله عنها-، أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة، وهو غائب، فأرسل إليها وكيله بشعير، فسخطته، فقال: والله ما لك علينا من شيء، فجاءت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فذكرت ذلك له، فقال: (ليس لك عليه نفقة)، فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك، ثم قال: (تلك امرأة يغشاها أصحابي، اعتدي عند ابن أم مكتوم) (١) , ولما أنكر بعضهم على فاطمة هذا الخبر، قالت: بيني وبينكم كتاب الله، قال الله تعالى: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} (٢) فأي أمر يحدث بعد الثلاث؟ (٣) فإذا لم تكن حاملا علام تُحبس وهي لا نفقة لها؟ فكيف تحبس امرأة بغير نفقة؟ (٤).

ويمكن أن يناقش من وجه ثاني:

وأما المطلقة الرجعية, فهي زوجة كالزوجات؛ حبست في البيت لحق الزوج, فإن أسقط الزوج حقه, وأذن لها في الخروج, لم يكن لخروجها من المعتكف معنى!

القول الثالث:

يحرم على المرأة الخروج من معتكفها, حتى تقضي اعتكافها؛ بإتمام أقل الاعتكاف -يوم وليلة- إن كان تطوعا أو نذرا مطلقا, أو إتمام المدة المعينة في النذر المعين, ثم ترجع إلى بيتها فتعتد فيه, وهذا ما ذهب إليه المالكية (٥).

دليل القول الثالث:

المرأة التي وجبت عليها العدة بعد الاعتكاف, قد دخلت في عمل بر لزمها إتمامه، فلم يجز لها إبطاله؛ لقوله عز وجل: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} (٦) ' (٧).


(١) أخرجه مسلم في صحيحه, كتاب: الطلاق, باب: المطلقة ثلاثا لا نفقة لها (١٤٨٠) ٢/ ١١١٤.
(٢) الطلاق من الآية: ١.
(٣) أخرجه أبو داود في سننه, كتاب: الطلاق, باب: في نفقة المبتوتة (٢٢٩٠) ٢/ ٢٨٧, وصححه الألباني في صحيح أبي داود ٧/ ٥٩.
(٤) ينظر: المغني, لابن قدامة ٨/ ١٦٥ - ١٦٦.
(٥) ينظر: التاج والإكليل, للمواق ٥/ ٥٠٩, وشرح مختصر خليل, للخرشي ٤/ ١٥٨, وحاشية الدسوقي ٢/ ٤٨٦.
(٦) محمد من الآية: ٣٣.
(٧) ينظر: البيان والتحصيل, لابن رشد الجد ٢/ ٣٢٤.

<<  <   >  >>