للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا نؤمن به ولا نكذبه، وتجوز حكايته لما تقدم -يقصد حديث: "وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج" - وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر ديني١.

وقد شن رجال المدرسة العقلية الاجتماعية حملة شعواء على الإسرائيليات، وحذروا من تناولها في تفسير القرآن الكريم، وعابوا على المفسرين السابقين تداولهم لها، واعتبروا هذا خطأ لا يغتفر.

وهذا الأساس عندهم متولِّد من الأساس السابق تحكيم العقل وتطرفهم فيه تولد عنه رفضهم الشديد للإسرائيليات، وقد أدى بهم تطرفهم هذا إلى تكذيب بعض الإسرائيليات التي وافقت ما جاء في شريعتنا، وأدى بهم أيضًا إلى تكذيب بعض الأحاديث الصحيحة الثابتة خشية أو احتمال أو للظاهر أن يكون الصحابي الذي روى الحديث سمعه من كعب الأحبار!!

وأدى بهم أيضًا إلى أن تناولوا بعض الصحابة -رضوان الله عليهم- بالتجريح، وشككوا في إيمان بعض التابعين الذين شهد لهم السلف الصالح بالعدالة، وروى لهم البخاري ومسلم، ونسبوا العلماء الذين وثقوهم إلى الغفلة.

ومع هذا الموقف الصُّلْب، والرفض الحاسم الجازم، فإن رجال المدرسة العقلية الاجتماعية -أو غالبهم- أباح لنفسه ما حرم على غيره؛ فقد أوردوا من الإسرائيليات ونصوص التوراة والإنجيل كثيرًا وكثيرًا؛ بل -ويا للعجب- فقد أوردوا ما يخالف النص القرآني!! وأحسب هذا -ولا شك- نتيجة كل دعوة متطرفة.

فلنرتب الأوراق ولنسق الشواهد على ما ذكرنا واحدًا واحدًا، هذه أولًا بعض النصوص لرجال المدرسة التي تبين حكم الأخبار الإسرائيلية، وهذا الأستاذ الإمام محمد عبده يقول عند تفسيره لقوله تعالى: {وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خطَايَاكُمْ} ٢ الآية، فقد ذكر الأستاذ الإمام بعض أقوال المفسرين، ثم قال:


١ مجموع فتاوى ابن تيمية: جمع عبد الرحمن بن قاسم وابنه محمد ج١٣ ص٣٦٦، ٣٦٧.
٢ سورة البقرة: من الآية ٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>