ولذا فلا تثريب عليَّ أن ذكرت بعض الأمثلة لبعض الأنواع التي جاءت في تفسيره -رحمه الله تعالى- فهي أنواع كثيرة وأمثلة أكثر، فمن ذلك:
بيان الإجمال:
وقد ذكر -رحمه الله تعالى- في مقدمة تفسيره أن الإجمال يكون بسبب الاشتراك، سواء كان الاشتراك في اسم أو فعل أو حرف.
ومن الاشتراك في اسم قوله تعالى:{وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيق} ١، قال -رحمه الله تعالى- في ذلك: "في المراد بالعتيق هنا للعلماء ثلاثة أقوال:
الأول: أن المراد به القديم؛ لأنه أقدم مواضع التعبد.
الثاني: أن الله أعتقه من الجبابرة.
الثالث: أن المراد بالعتق فيه الكرم، والعرب تسمي القديم عتيقًا وعاتقًا، ومنه قول حسان رضي الله عنه:
كالمسك تخلطه بماء سحابة ... أو عاتق كدم الذبيح مدام
لأن مراده بالعاتق الخمر القديمة التي طال مكثها في دنها زمنًا طويلًا، وتسمي الكرم عتقًا، ومنه قول كعب بن زهير:
قنواء في حرتيها لبصير بها ... عتق مبين وفي الخدين تسهيل
فقوله عتق مبين؛ أي: كرم ظاهر، ومنه قول المتنبي:
وبين عتق الخيل في أصواتها
أي: كرمها، والعتق من الجبابرة كالعتق من الرق، وهو معروف.
وإذا علمت ذلك فاعلم أنه قد دلت آية من كتاب الله على أن العتيق في الآية بمعنى: القديم الأول، وهي قوله تعالى:{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا} الآية، مع أن المعنيين الآخرين كلاهما حق؛ ولكن القرآن دل على