للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حد السرقة:

قال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} الآية١، ولم يذكر القرآن ولا السنة، ولم يرد عن أحد من الصحابة أو من التابعين اشتراط أن تتكرر السرقة من السارق حتى يقام عليه الحد؛ لكن محمد أبو زيد يشترط هذا افتياتا على الشريعة فيقول: "واعلم أن لفظ {السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} تعطي معنى التعود أي أن السرقة صفة من صفاتهم الملامة لهم، ويظهر لك من هذا المعنى أن من يسرق مرة أو مرتين ولا يستمر في السرقة ولم يتعود اللصوصية لا يعاقب بقطع يده؛ لأن قطعها فيه تعجيز له ولا يكن ذلك إلا بعد اليأس من علاجه"٢.

حد الزنا:

ونحو تفسيره هذا قال في تفسير قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} الآية٣؛ فزعم: "يطلق هذا الوصف على المرأة والرجل إذا كانا معروفين بالزنا وكان من عادتهما وخلقهما فهما بذلك يستحقان الجلد"٤.

وهذا الزعم الباطل في تأويل هذه الآية جاء من بعده في تفاسير كثير من المنهزمين الذين تأثروا بكلام أعداء الحق حين زعموا أن قطع يد السارق وجلد الزاني -فضلا عن رجمه- فيه قسوة وعنف، وفيه تعطيل للفرد وتعجيز له، وفيه تشويه لأفراد البشر وهم بها ينظرون إلى المجتمع من زاويته الضيقة زاوية الفرد، ولو علم هؤلاء أن في قطع يد سارق حفظا لأرواح بله أيدي آخرين هم أكثر عددا، وأن في قطع يد سارق حفظا لأمن أمة، وأن في تشويه يد سارق جمالا لأمة، وأن القسوة ليست في الجزاء والقصاص؛ وإنما هي في الجريمة الأولى التي استحق صاحبها العقاب عليها؛ ولكنهم لا يفقهون أو يفقهون ويمكرون.

أما إن أرادوا الفقه الحق في تفسير الآية، فقد رد الشيخ محمد الخضر


١ سورة المائدة: من الآية ٣٨.
٢ الهداية والعرفان: ص٨٨.
٣ سورة النور: الآية ٢.
٤ الهداية والعرفان: ص٢٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>