هذه الجهات إلى مصر عن طريق هجرة من الهجرات ولكن تشابه ظروف البيئة فى تلك المرحلة البدائية يجعلنا نتردد كثيرا ف الأخذ بهذا الرأي، ومع كل فإن انتقال تلك المضاهر الحضارية قد تم عن طريق احتكاك مباشر أو غير مباشر بين سكان وادى النيل وبين سكان جنوب غربى آسيا وليس ضروريا أن يكون عن طريق هجرة من الهجرات.
فنشأة الحضارة فى مصر إذن ما زال يكتنفها الغموض ومهما قيل فى ذلك فإن ما يعنينا هو أننا نجد في العصور الفرعونية حضارة بهرت العالم ووصلت إلى مدى بعيد في ميدان التقدم في كافة مظاهرها المختلفة وقد تمثلت في مصر دولة قوية فتية يحكمها بيت مالك له تقاليده ومراسيمه المعقدة ويحيط بالملك حشاية يحمل أفرادها مختلف الألقاب ويحتلون مناصب رفيعة، وتكاد تحاكى في تنظيمها الإدارى ما نسير عليه في حياتنا الحاضرة وكانت الطقوس الدينية تقام في بعض العبادات الحديثة وكان الجيش يتبع أساليب وفنون حربية تسير وفق الأسس التى تقوم عليها الجيوش النظامية -وهكذا فى سائر النظم كانت مصر دولة لا تختلف في كيانها كثيرا عن أى دولة حديثة.
ويرى كثير من الأثريين بأن الحضارة المصرية كانت حضارة مادية حسية فى أساسها وأنها كانت تهدف إلى الناحية العلمية دون النظرية.
ولكن مما لاشك فيه أن كثيرا من النتائج العملية التى وصل إليها المصرى كانت عن طريق إتجاهه إلى بعض النواحى النظرية أى أنه سما بتفكيره عن تحقيق أهداف عملية فى دراسته لبعض النواحى العلمية، ومهما