ظل العالم المتحضر فترة من الزمن لا يعرف فيها شيئا عن نشأة الحضارة المصرية وتطورها بل وخيل للكثير من الباحثين بأن تلك الحضارة التى توحى آثارها بالنمو والإزدهار والتعقيد لم تكن أصيلة فى مصر ولم تتطور فيها وإنما جلبت إليها من الخارج صورة راقية، إلا أن العثور على آثار تمثل الحضارات السابقة لعصر الأسرات "أى الحضارات البدائية" فى سلسلة متتابعة تكاد تكون متكاملة أثبت أن الحضارة المصرية أصيلة فى مصر نشأت وتطورت فيها وإن كان الأمر لا يخلو بالطبع "كما هو الحال فى الحضارات الأخرى" من التأثر بحضارات الأقاليم المجاورة فى بعض مظاهرها. ولكن مما لاشك فيه بأن البيئات المتشابهة والأجناس المتشابهة تنتج حضارات متشابهة وهكذا كان تشابه بيئات الشرق الأدنى القديم مما يعقد الأمور فى التعرف على انتقال الحضارات من بيئة لأخرى.
ولما كانت الحضارة المصرية قد وصلت إلى درجة رفيعة من التقدم والرقى فإنه كان من الأهمية بمكان أن يجتهد الباحثون فى التوصل إلى معرفة الجنس الذى يعد مسؤلا عن هذه الحضارة أو الذى أبدعها وأنشأها إلا أن كل الجهود التى بذلت لم تؤدى حتى الآن إلى نتيجة حاسمة إذ لم يعثر على بقايا بشرية يمكن الحكم منها على نوع السكان الذين عاشوا فى العصر الحجرى القديم وقد حاول العلماء عبثا التعرف على هؤلاء من مخلفات العصور التالية، وأقدم ما وجد من