للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولقد يحدث أن يدفع القرآن تحليله إلى أبعد من ذلك فلا يكتفي بأن يعالج العناصر الأخلاقية منفصلة عن العناصر العقلية أو الروحية. فهو -في أوج تماسك هذه العناصر في أنفسنا، وفي قمة انعكاساتها المتبادلة- لا يتردد في أن يشرح صفاتنا، ومفاهيمنا، وعقائدنا، وطرائق عملنا، وأن يقيم بعضها ببعض.

ولذلك نرى بعض الفضائل العملية تستمد قيمتها جزئيًّا من أنها تعكس الإيمان، وتبرهن على صدقه: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} ... {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى} ... إلخ١.

والإيمان، بدوره، يأخذ قدره من حيث هو صفة القلوب الخاشعة المتصدعة: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ} ٢. وهذه الحالة النفسية، وذاك الموقف الروحي يستمد قيمته من حيث إنه شيمة العلماء: {يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} ٣.

وتستمد التعاليم القرآنية قيمتها بصفة عامة، من حيث إنها موجهة إلى من يملك من الناس عقلًا راجحًا -فهو قادر على أن يتعلم، ويتأمل، ويتعمق: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} ٤.


١ ٢/ ١٧٧ و٨/ ٧٤ و٩/ ٤٤ و٢٤/ ٦٢ و٢٩/ ٣ و١١ و٤٩/ ١٥ و٥٨/ ٢٢ و٥٩/ ٨ "= ٢ أو٧ ب".
٢ ٥/ ٨٢ و٨٣ و٣٢/ ١٥ "= ١ أو٢ ب".
٣ ٣/ ٧ و٤/ ١٦٢ و١٣/ ٤٣ و٢٩/ ٤٣ و٤٩ و٣٠/ ٢٢ و٣٤/ ٦ و٣٥/ ٢٨ و٣٩/ ٩ "= ٧ أو٢ ب".
٤ ٢/ ١٦٤ و٢٦٩ و٣/ ٧ و٦/ ٩٧ و٩٨ و١٠٥ و١٥١ و١٥٢ و٧/ ٣٢ و٩/ ٢ و١٠/ ٥ و٢٤ و١٣/ ٣ و٤ و٩ و١٦/ ١١ و١٢ و١٣ و٦٧ و٦٩ و٣٠/ ٢١ و٢٣ و٢٤ و٢٨ و٣٨/ ٢٩ و٣٩/ ٩ و١٨ و٢١ و٤٢ و٤٥/ ٥ "= ٢٦ أو٤ ب".

<<  <   >  >>