للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: حواصل ذلك، أو حواصل ما ذكرنا. وأخبرنا شيخنا أبو علي قال: قال أبو عبيدة لرؤبة في قوله:

فِيها خُطُوطٌ من سوادٍ وَبَلَقْ ... كأنَّهُ فِي الجِلْدِ تَوْلِيعُ الْبَهَقْ١

إن كنت أردت الخطوط فقل: كأنها، وإن كنت أردت السواد والبَلَق فقل: كأنهما، فقال رؤبة: أردت: كأن ذاك، ويلك! هذا مجموع الحكاية، وهي مُتَلَقّاة مقبولة، كما يجب في "ذلك".

ولو قال قائل: إن الهاء في "كأنه" عائدة على "البَلَق" وحده لكان مصيبا؛ لأن في "البلق" ما يُحتاج إليه من تشبيهه بالبَهَق، فلا ضرورة هناك إلى إدخال السواد معه. ونحو القراءة قول الآخر:

ألّا إنَّ جِيرَانِي العَشِيَّة رَائِحٌ

فأخبر عنه بلفظ الواحد، لأنه أجراه مجراه. وتجاوزوا هذا إلى أن أضافوا٢ إلى لفظ الجماعة، فقالوا: أنصاريٌ؛ لأنه جعل الأنصار جاريا مجرى الأب، أو الأم، أو البلد.

وقال الآخر:

مُشَوَّه الْخَلْقِ كِلَابِيّ الخُلُقْ٣

فنسب إلى جنس الكلاب، ولولا ذلك لقال: كَلْبِيّ، وفي الأنصاري: ناصريّ، كما تقول في الإضافة إلى الفرائض: فَرَضِيٌّ، وإلى السفائن: سَفَنيٌّ.


١ البلق: سواد وبياض، والفعل كفرح، والتوليع: استطالة البلق، يقال: ثور مولع، كمعظم. والبهق: بياض رقيق في ظاهر البشرة. وانظر الديوان: ١٠٤، والأساس "ولع".
٢ أضافوا: نسبوا.
٣ للقلاخ بن حزن المنقري يهجو الجليد الكلابي، وقبله:
أن الجليد زلق زملق
ويروى "مجموع البطن" مكان: "مشوه الخلق". والزلق: السريع الغضب، والزملق: الخفيف الطائش. وانظر اللسان "زلق، زملق"، والخصائص: ١: ٩، والصفحة ١٠٤ من هذا الجزء.

<<  <  ج: ص:  >  >>