الفلاح، قال: أفلح من أجاب, قال: الله أكبر الله أكبر, لا إله إلا الله، قال: أخلصت الإخلاص كله يا نضلة, حرم الله بها جسدك على النار.
فلما فرغ من أذانه قاموا فقالوا: من أنت يرحمك الله? ملك أنت أم من الجن أم طائف من عباد الله قد أسمعتنا صوتك فأرنا صورتك؟ فإن الوفد وفد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ووفد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: فانفلق الجبل عن هامة كالرحى، أبيض الرأس واللحية، عليه طمران من صوف، قال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فقالوا: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، من أنت يرحمك الله? قال: زريت بن برثملا، وصي العبد الصالح عيسى ابن مريم، أسكنني هذا الجبل ودعا لي بطول البقاء إلىحين نزوله من السماء، فأقرئوا عمر مني السلام وقولوا: يا عمر سدد وقارب فقد دنا الأمر، وأخبروه بهذا الخصال التي أخبركم بها:
يا عمر: إذا ظهرت هذه الخصال في أمة محمد فالهرب الهرب: "إذا استغنى الرجال بالرجال والنساء بالنساء، وانتسبوا إلى غير مناسبهم وانتموا إلى غير مواليهم, ولم يرحم صغيرهم كبيرهم, وترك المعروف ولم يؤمر به وترك المنكر فلم ينه عنه، ويتعلم عالمهم العلم ليجلب به الدنانير والدراهم، وكان المطر فيضًا والولد غيضًا، وطولوا المنارات، وفضّضوا المصاحف، وزخرفوا المساجد، وأظهروا الرشا، وشيدوا البناء, واتبعوا الهوى، وباعوا الدين بالدنيا، وقطعت الأرحام، وبيع الحكم، وأكل الربا، وصار الغنى عزًّا، وخرج الرجل من بيته فقام إليه من هو خير منه فسلموا عليه، وركب النساء السروج" ثم غاب عنهم فلم يروه، فكتب نضلة بذلك إلى سعد وكتب سعد بذلك إلى عمر، فكتب إليه عمر: سر أنت ومن معك من المهاجرين والأنصار حتى تنزلوا بهذا الجبل، فإن لقيته فأقرئه مني السلام، فخرج سعد في أربعة آلاف من المهاجرين والأنصار حتى نزلوا ذلك الجبل، ومكث أربعين يومًا ينادي بالصلاة فلا