للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تمامًا عن قيم غيرهم من محافظين ومجددين، وإنما هو يختار أحسن ما رأى في الاتجاهات السابقة، ويفيد من الآداب الغربية، ويمزج بين هذه وتلك، ويضيف إليها كثيرًا من الخلق والإبداع، مما يشكل له مجموعة من الخصائص الفنية المشتركة التي تجعل منه اتجاهًا مميزًا بين اتجاهات الشعر، لكنها لا تصل به إلى مستوى المدرسة الفنية ذات الأسس الفلسفية المحددة، والقيم الفنية الفريدة.

على أن من بين أعلام هذا الاتجاه أنفسهم من نفي تقيد هذا الاتجاه بمذهب معين؛ فأحمد زكي أبو شادي يرى أن رفاقه من أصحاب هذا الاتجاه آمنوا بالرمزية والسريالية، والرومانسية والواقعية وغيرها، على درجات شتى، وإن ندر بينهم من اقتصر في شعره على مذهب وأحد من هذه المذاهب١، وقد سمى الاتجاه

مع ذلك مدرسة، وليس من شك في أن مثل هذه التسمية -بعد ما قرره هو نفسه- فيها كثير من التجوز.

وتلك الخصائص الفنية المشتركة التي يتسم بها هذا الاتجاه، منها ما يتصل بالموضوعات الشعرية وطبيعة التجارب، ومنها ما يتصل بالأسلوب الفني وطريقة الآداء، ومنها ما يرتبط بالألفاظ والمعجم الشعري، ومنها ما يرجع إلى الأوزان، والقالب الموسيقي.

أ- خصائصه المتصلة بالموضوعات، وطبيعة التجارب:

أما خصائص هذا الاتجاه المتصلة بالموضوعات، وطبيعة التجارب الشعرية، ففي مقدمتها الاهتمام بموضوع الحب والمرأة، وقد كان شعراء هذا الاتجاه يتخذون من الحب ملاذًا يفرون إليه من عذاب الحياة، وعزاء يعوضون به ظلم الدهر، ومرقي يسمون عليه فوق العالم الأرضي، ومن ذلك قول ناجي:

هوى كالسحر صيرني ... أرى بقريحة الشهب

وطهرني وبصرني ... ومزق مغلق الحجب


١ انظر: رائد الشعر الحديث لمحمد عبد المنعم خفاجي جـ١ ص٢٣٦.

<<  <   >  >>