والأصل الذي بنيت عليه هذه الأحكام أن ما لا يتوصل إلى ترك الحرام إلا به فهو فرض، وأنه إذا تعارض خوف الجور لو تزوج وخوف الوقوع في الزنا لو لم يتزوج قدم الأول وحظر الزواج؛ لأن الجور معصية متعلقة بالعباد والمنع من الزنا من حقوق الله، وحق العبد مقدم عند التعارض لاحتياجه وغنى المولى سبحانه١.
وأما حكم الزواج بمعنى أثره المترتب عليه شرعا فإنه يختلف باختلاف العقد من حيث استيفاؤه شرائطه الشرعية أو عدم استيفائها، وهذا البيان:
حكم الزواج الباطل:
إذا حصل خلل في صيغة العقد كأن صدرت الصيغة بلفظين يعبر بهما عن المستقبل أو بما لا يدل على تمليك المتعة لا حقيقة ولا مجازا، أو حصل خلل في أصل أهلية العاقد لفقده التمييز بسبب جنون أو صغر، أو فقد أي شرط من شرائط الانعقاد كان الزواج باطلا. ولا يترتب على هذا العقد أثر ويعتبر وجوده كعدمه، ويجب عليهما الافتراق وإن لم يفترقا فرق بينهما القضاء. وإذا دخل الرجل بمن عقد عليها عقدا باطلا كان هذا الدخول بمنزلة الزنا غير أن شبهة العقد تسقط الحد، ولا عدة على المدخول بها بعد المتاركة، ولا يثبت به نسب ولا توارث، ولا يجب به مهر ولا نفقة ولا طاعة ولا أي حق من حقوق الزوجية وواجباتها. وعلى قول من أثبت حرمة المصاهرة بالزنا ودواعيه تثبت بهذا الدخول حرمة المصاهرة. وسيتبين هذا في المحرمات.
حكم الزواج الفاسد: إذا اختل شرط من شروط صحة الزواج كما إذا عقد الزواج بغير حضور الشهود كان الزواج فاسدا. ويجب على الزوجين الافتراق وإن لم يفترقا فرق بينهما القضاء. ومجرد هذا العقد الفاسد لا يترتب عليه أثر، بمعنى أن المتزوجين زواجا فاسدا إذا افترقا قبل الدخول فلا عدة على الزوجة ولا مهر لها،
١ ولا يتوهم من حظر الزواج في هذه الحال إباحة الزنا فإن الزنا حرام لا يباح في أي حال بل على الإنسان في مثل هذه الحال أن يقوم أخلاقه ويقاوم شهواته.