للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يشتمل القرآن الكريم على عدد كبير من نصوص الوعد والوعيد، فالوعد بالجنة والمغفرة والثواب، والوعيد بالنار والغضب والعقاب. ومن معتقد أهل السنة والجماعة أن الله عز وجل لا يخلف وعده تكرما منه عز وجل وتفضلا، فأهل التوحيد مآلهم إلى الجنة قطعا. قال تعالى: {لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ} . أما الوعيد ففيه تفصيل، فالمشرك الذي يختم له بالشرك في النار، لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} ، وأما المؤمن العاصي ففي مشيئة الله، فقد يقع الوعيد في حقه وقد يتخلف. (١)

وقد مضى سلف الأمة وعلماؤها وصالحوها على الإيمان بنصوص الوعد والوعيد وأنها حق، بما في ذلك الإيمان بالجنة والنار، إلى أن ظهر الفلاسفة فزعموا بأن الوعد والوعيد تخييل للحقائق موجه إلى عوام الناس، وظهر غلاة الصوفية فزعموا أن الجنة عبارة عن تنعم الأرواح، والنار عبارة عن تألمها. ووجد في هذا العصر من ينكر الوعد والوعيد مطلقا، أو يسخر بذلك ويظهر الاستهزاء به، أو من يسلك مسلك الباطنية في تأويل تلك النصوص وصرفها عن معانيها الظاهرة. وكل هذا كفر مناقض للإيمان بما جاء به الرسل، ونزلت به الكتب.

يقول القاضي عياض رحمه الله: " ... وكذلك من أنكر الجنة أو النار، أو البعث، أو الحساب، أو القيامة فهو كافر بإجماع للنص عليه، وإجماع الأمة على صحة نقله متواترا، وكذلك من اعترف بذلك، ولكنه قال: إن المراد بالجنة والنار والحشر والنشر والثواب والعقاب معنى غير ظاهره وإنها لذات روحانية، ومعان باطنة" (٢) .

إنكار معلوم من الدين بالضرورة:


(١) في مسألة إخلاف الوعيد، انظر اضواء البيان: ٧/٤٢٥.
(٢) الشفا: ٢/٦١٥.

<<  <   >  >>