(ومن أعاظم المكفرات) المخرجة عن ملة الإسلام (إنكار ثابت المغيبات) من إضافة الموصوف إلى الصفة، أي: إنكار المغيبات الثابتة بالأدلة الشرعية القطعية (كَـ) إنكار (الجن والملائك الكرام و) إنكار (البعث بالأرواح والأجسام) معا.
ومن نواقض الإيمان (جحد) أي إنكار (نصوص الوعد والوعيد) الثابتة (أو صرف معناها عن) المعنى (المقصود) بها في الكتاب والسنة، إلى معان أخرى باطلة؛ وكذلك (إنكار معلوم بالاضطرار) أي: دون حاجة إلى نظر واجتهاد (من دين بارئ الدنى) جمع دنيا (الجبار) سبحانه وتعالى.
فهاهنا مجموعة من نواقض الإيمان، أتكلم عليها على وجه الإيجاز، فأقول:
إنكار المغيبات:
عرف الراغب الأصبهاني الغيب بأنه:"ما لا يقع تحت الحواس ولا تقتضيه بدائه العقول، وإنما يعرف بخبر الأنبياء عليهم السلام، وبدفعه يقع على الإنسان اسم الإلحاد"(١) .
ولا شك أن الإيمان بالغيب أصل من أصول الإيمان، بل هو الفيصل الحقيقي بين المؤمن الحق الثابت الراسخ، وبين الآخر الذي تزعزعه أعاصير الشبهات، وتعصف به رياح الشهوات.
ويشمل الإيمان بالغيب أمورا متعددة ثبتت بالقرآن والسنة مثل الإيمان بالملائكة والجن واليوم الآخر بما فيه من بعث ونشور، وصراط وميزان، وجنة ونار، وغير ذلك.
- الإيمان بالملائكة:
هذا أحد أركان الإيمان الستة المذكورة في حديث جبريل وغيره، ومعناه الإقرار الجازم بوجودهم إجمالا، والإيمان بمن ذكر منهم في الكتاب والسنة تفصيلا وهم جبريل وميكائيل واسرافيل وملك الموت وخزنة الجنة والنار وغيرهم.
فمن أنكر وجود الملائكة كفر بلا تردد، لقوله تعالى:{وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} ، ولأن إنكارها تكذيب بخبر الله تعالى وخبر رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ومخالفة للإجماع القطعي اليقيني الذي يكفر مخالفه.