للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقد نقل القاضي عياض في كتابه العجاب الموسوم بالشفا عن أبي إبراهيم التجيبي أنه قال: "واجب على كل مؤمن متى ذكره، أوذُكر عنده، أن يخضع ويخشع ويتوقر، ويسكن في حركته، ويأخذ في هيبته وإجلاله بما كان يأخذ به نفسه لو كان بين يديه، ويتأدب بما أدبنا الله به "وعلق القاضي عياض بقوله: " وهذه كانت سيرة سلفنا الصالح وأئمتنا الماضين رضي الله عنهم " (١)

إذا علم هذا، فكيف يجتمع الإيمان مع سب النبي - صلى الله عليه وسلم - أو التنقص منه أو الاستهزاء به أو بسنته؟. قال ابن تيمية رحمه الله: " إن سب الله أو سب رسوله كفر ظاهرا وباطنا، سواء كان الساب يعتقد أن ذلك محرم، أو كان مستحلا له، أو كان ذاهلا عن اعتقاده، هذا مذهب الفقهاء وسائر أهل السنة القائلين بأن الإيمان قول وعمل" (٢) .

ولا أحتاج إلى أن أنبه مرة أخرى على أن سب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كفر أكبر مخرج من الملة، سواء أستحل ذلك أم لم يستحله، فقد سبق أن أشرت إلى ذلك آنفا. (٣) قال ابن راهويه: "قد أجمع العلماء أن من سب الله عز وجل أو سب رسوله - صلى الله عليه وسلم -، أو دفع شيئا أنزله الله، أو قتل نبيا من أنبياء الله، وهو مع ذلك مقر بما أنزل الله أنه كافر" (٤) .وقال محمد بن سحنون رحمه الله: " أجمع العلماء أن شاتم النبي - صلى الله عليه وسلم - المنتقص له كافر، والوعيد جار عليه بعذاب الله، وحكمه عند الأمة القتل، ومن شك في كفره وعذابه كفر" (٥) .


(١) الشفا: ٢/٩١.
(٢) الصارم المسلول: ٥١٢.
(٣) أنظر في هذا الموضوع كتاب الشفا للقاضي عياض والصارم المسلول لابن تيمية، وللشادين في العلم الشرعي رسالة أبي بصير في الموضوع، فإنها نافعة.
(٤) - الصارم المسلول: ٥١٢.
(٥) الشفا: ٢/٤٧٦.

<<  <   >  >>