للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأصل الولاء الحبُّ وهو عمل قلبي، ينشأ عنه عدد من أعمال القلوب والجوارح كالنصرة والنصح والإعانة وما إلى ذلك، وكذلك الشأن في نقيض الولاء وهو البراء. فمن أصل الإيمان موالاة المؤمنين والبراءة من الكفار، بل إن الولاء والبراء هو الذي يدل على حياة القلوب، وشدة تعلقها بالإسلام كما نقل ابن مفلح عن ابن عقيل أنه قال: "إذا أردت أن تعلم محل الإسلام من أهل الزمان، فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع، ولا ضجيجهم في الموقف بلبيك، وإنما انظر إلى مواطأتِهم أعداءَ الشريعة، عاش ابن الراوندي والمعري عليهما لعائن الله ينظمون وينثرون، هذا يقول حديث خرافة، والمعري يقول:

تلوا باطلا، وجلوا صارما ... ... وقالوا صدقنا، فقلنا نعم

يعني بالباطل: كتاب الله عز وجل، وعاشوا سنين، وعظمت قبورهم، واشتريت تصانيفهم، وهذا يدل على برودة الدين في القلب." (١) وسوف أذكر – تبعا لما في النظم – بعض أنواع موالاة الكفار التي تعد من نواقض الايمان:

نصرة الكفار ضد المسلمين:

وهذا من أشنع ما يقع فيه بعض المنتسبين إلى الإسلام في أعصارنا هذه، وهو أمر ينم عن جهل فظيع بمعنى كلمة " لا إله إلا الله "، والله المستعان.

قال تعالى: {لَا يَتَّخِذْ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ اللَّهِ فِي شَيْءٍ} . يقول الطبري في تفسيرها: " ومعنى ذلك: لا تتخذوا أيها المؤمنون الكفار ظهورا وأنصارا. توالونهم على دينهم، وتظاهرونهم على المسلمين من دون المؤمنين، وتدلونهم على عوراتهم، فإنه من يفعل ذلك فليس من الله في شيء، يعني فقد برئ من الله، وبرئ الله منه بارتداده عن دينه ودخوله في الكفر" (٢) .


(١) الآداب الشرعية: ١/٢٥٥.
(٢) تفسير الطبري: ٣/٢٢٧.

<<  <   >  >>