للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال رشيد رضا في تفسير هذه الآية: " ... ويؤخذ من الآية أن إقرار الكفر بالاختيار كفر ... " (١) .

قلت: وهذا أمر مجمع على صحته. وتطبيقه على ما نحن فيه شديد الوضوح. والله أعلم.

قلت في النظم:

والصد عن شريعة الإسلام

وما احتوت عليه من أحكام

ليس بشِرعة الحكيم عاملا

وليس عالما بها بل جاهلا

الشرح:

(و) من نواقض الإيمان (الصد) وهو الإعراض (عن شريعة الإسلام) الغراء (و) من ذلك الإعراض عن تعلم والعمل بـ (ما احتوت عليه) هذه الشريعة (من أحكام) علمية وعملية. فحال ذلك المعرض أنه (ليس بشرعة الحكيم) سبحانه وتعالى (عاملا وليس عالما بها بل جاهلا) أي ليس يتعلم دين الله ولا يعمل به.

يعتبر الإعراض عن دين الله من ضمن نواقض الإسلام العشرة التي ذكرها الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله فقال: " الإعراض عن دين الله تعالى لا يتعلمه ولا يعمل به، والدليل قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنْ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ} (٢) .

وهو ناقض للإيمان باعتبار أن لب الدين إنما هو تمام الطاعة والانقياد والاستجابة، والإعراض التام عن دين الله تعالى هو امتناع عن الاتباع وتول عن الطاعة واستنكاف عن الاستجابة، ومثل هذا لا يمكن أن يثبت معه عقد الإيمان. وقد سبق في الفصل الأول أن بينت أن جنس العمل من أصل الإيمان وأن تركه كفر أكبر مخرج من الملة، بما يغني عن الإعادة هنا.

والحق أن القرآن الكريم مملوء بذكر الآيات الدالة على كفر المعرض عن دين الله، الصادِّ عن اتباع شريعته.


(١) نقله صاحب "نواقض الإيمان " ص ٣٣٤.
(٢) مجموعة التوحيد: ٢٧٢.

<<  <   >  >>