للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال ابن كثير رحمه الله: " ... أي: هم لا يتبعون ما شرع الله لك من الدين القويم، بل يتبعون ما شرع لهم شياطينهم من الجن والإنس من تحريم ما حرموا عليهم من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام، وتحليل أكل الميتة والدم والقمار إلى نحو ذلك من الضلالات والجهالة الباطلة التي كانوا قد اخترعوها في جاهليتهم من التحليل والتحريم والعبادات الباطلة والأموال الفاسدة " (١) .

- قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ} . فبين الله عز وجل أن شركاء العرب في الجاهلية من شياطين الانس والجن قد شرعوا لهم شرائع كثيرة لم يأذن بها الله تعالى، ومنها قتل الأولاد خشية الإملاق ووأد البنات خشية العار وغير ذلك. والشاهد من الآية تسمية الله تعالى من شرع للناس ما لم يأذن به الله شريكا لله، وهذا إكفار صريح له.

- قوله تعالى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} ..

ومعنى الآية على ما ذكره المفسرون – أن أهل الجاهلية كانوا إذا أرادوا القتال في شهر من الأشهر الحرم – وهي رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم – جعلوه حلالا وحرموا مكانه شهرا آخر من أشهر الحل ليوافقوا عدد الأشهر التي حرم الله تعالى. فجعل الله تعالى هذا التشريع الذي لم يأذن به الله تعالى زيادة في الكفر. قال ابن كثير رحمه الله: "هذا مما ذم الله تعالى به المشركين من تصرفهم في شرع الله بآرائهم الفاسدة وتغييرهم أحكام الله بأهوائهم الباردة، وتحليلهم ما حرم الله وتحريمهم ما أحل الله ... " (٢) .


(١) تفسير ابن كثير: ٤/١٠٠.
(٢) - تفسير ابن كثير: ٢/٣٠٨.

<<  <   >  >>