للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إن أقبح المنهيات وأخطرها على الإطلاق هو الشرك بالله، كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال يا رسول الله أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك (١) . والشرك غاية الضلال كما قال تعالى عن المشركين إذ يخاصمون طواغيتهم يوم القيامة: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} . وهو كذلك أعظم الظلم وأشنعه، كما قال تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} ، وذلك لما فيه من تسوية المخلوق الفقير الناقص، بالرب الخالق الغني الكامل.

ونظرا لكون الشرك قبيحا وظلما عظيما، ومناقضا لأصول الإيمان من كل وجه، فقد جعله الله جل ذكره محبطا للأعمال، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ} ، وقضى الله عز وجل بأن من مات على الشرك فإنه لا يغفر له، وهو مخلد في نار جهنم، كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} وكما قال أيضا: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} .

وحقيقة الشرك – كما يؤخذ من تعريف توحيد الألوهية السابق – صرف شيء من العبادة لغير الله عز وجل، قولا أو عملا، وسوف أذكر في المباحث المقبلة بعض الأمثلة الواضحة.

وأصل هذا الشرك أمران (٢) :


(١) البخاري في التفسير-باب في قوله تعالى: (فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون) برقم: ٤٤٧٧ (ص٨٤٦) ، ومسلم في الإيمان-باب كون الشرك أقبح الذنوب برقم: ٨٦ (ص٦٢) .
(٢) منهج أهل السنة والجماعة ومنهج الاشاعرة في توحيد الله تعالى (١/٩٨)

<<  <   >  >>