للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يقول شيخ الإسلام رحمه الله: " أما التوحيد الذي ذكره الله في كتابه، وأنزل به كتبه، وبعث به رسله، واتفق عليه المسلمون من كل ملة، فهو كما قال الائمة شهادة أن لا إله إلا الله، وهو عبادة الله وحده لا شريك له، كما بين ذلك بقوله {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَانُ الرَّحِيمُ} فأخبر أن الإله إله واحد، ولا يجوز أن يتخذ إله غيره، فلا يعبد إلا إياه" (١) .

ويقول الشيخ عبد الرحمان السعدي رحمه الله: "أعظم الأصول التي يقررها القرآن ويبرهن عليها توحيد الألوهية والعبادة، وهذا الأصل العظيم أعظم الأصول على الإطلاق، وأكملها وأفضلها، وأوجبها وألزمها لصلاح الإنسانية، وهو الذي خلق الله الجن والإنس لأجله، وخلق المخلوقات وشرع الشرائع لقيامه، وبوجوده يكون الصلاح وبفقده يكون الشر والفساد" (٢) .

وأفضل ما أختم به هذا المبحث هذه الكلمات النورانية لابن القيم رحمه الله في بيان أهمية توحيد الألوهية وعظيم الحاجة إليه: "اعلم أن حاجة العبد إلى أن يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا في محبته، ولا في خوفه، ولا في رجائه، ولا في التوكل عليه، ولا في العمل له، ولا في الحلف به، ولا في النذر له، ولا في الخضوع له، ولا في التذلل والتعظيم والسجود والتقرب أعظم من حاجة الجسد إلى روحه، والعين إلى نورها، بل ليس لهذه الحاجة نظير تقاس به، فإن حقيقة العبد روحه وقلبه، ولا صلاح لها إلا بإلهها الذي لا إله إلا هو، فلا تطمئن الدنيا إلا بذكره، وهي كادحة إليه كدحا فملاقيته، ولا بد لها من لقائه، ولا صلاح لها إلا بمحبتها وعبوديتها له، ورضاه وإكرامه لها" (٣) .

الشرك في الألوهية وخطورته:


(١) - الفتاوى الكبرى: ٦/٥٦٤.
(٢) - القواعد الحسان: ١٩٢.
(٣) طريق الهجرتين: ٩٩.

<<  <   >  >>