نذر أن يطيع الله فليطعه "، وقال سبحانه وتعالى في وصف الأبرار: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً (٧) } ، قال تعالى:{وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} ، قال سبحانه وتعالى:{وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ} ، فالمسلم إذا نذر نذراً لله من صدقة أو صلاة أو صيام أو حجّأو عُمرة أو أيّ عبادة فإنّه يجب عليه الوفاء به، فإن لم يفِ به كان عاصياً وتاركاً لواجب يعاقَب عليه.
وإنْ كان الدخول في النذر منهيّاً عنه، لأنّه يحرج نفسه ويورِّط نفسه وهو في عافية وفي سعة، إنْ شاء فعل وله الأجر، وإنّ شاء ترك ولا إثم عليه، لكنّه إذا نذر فقد ألزم نفسه وأوجب على نفسِه فضاق عليه الأمر إن ترك هذا النذر ولم يفِ كان عاصياً وآثماً وكان قبل ذلك في سعة، ولهذا نهى النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن النذر وقال: "إنّ النذر لا يأتي بخير، وإنّما يُستخرج به من البخيل"، فقبل أن ينذر نكره له أن ينذر، والمجال أمامه مفتوح للطّاعات إنْ فعل فله أجر وإن لم يفعل فلا إثم عليه.
لكنّه إذا نذر والتزم فإنّه عاهد الله فيجب عليه الوفاء: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (٧٥) فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٧٦) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ (٧٧) } ، فالذي ينذر الطاعة ثم لا يفي بها هذه صفته عند الله، ويعتبر كاذباً فيما بينه وبين الله.
فهذا يدلّ على وُجوب الوفاء بالنّذر إذا كان نذر طاعة، وأن ترك الوفاء به من علامات النّفاق، وأن هذا يكْثُر في آخر الزّمان، أنّ النّاس ينذُرون ولا يوفون.
وما أكثر الآن ما يسأل النّاس:(أنا نذرتُ أصوم) ، (أنا نذرت أتصدّق) يريد التخلّص من النّذر، يبحث له عن مخارج، وهذا ممّا يدلّ على وقُوع هذه الصفة في آخر الزمان، وإلاّ لو كان قويّ الإيمان صادقاً مع الله ما احتاج إلى أنّه يبحث عن المخارج.
ثم قال- عليه الصلاة والسلام- مبيِّناً علامة هؤلاء: "ويظهر فيهم السَّمَن" يظهر فيهم سِمَنُ الأجسام، وذلك لأنّهم يرفّهون أنفسهم ويشتغلون بملذّاتهم وشهواتِهم وينسون الآخرة وينسون الحساب، فهم يستعجلون ملذّاتهم وشهواتهم