للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقل كثير من مذهبه في موسوعات الفقه، كـ "المغني"، وكـ "المحلّى" لابن حزم، وكتب التفسير، وشروح الحديث، لأنه إمامٌ مجتهد، وله باعٌ طويلٌ في الفقه والحديث والتفسير، رحمه الله.

ولكن هو كغيره من الأئمة، لا يجوز أن يقدَّم قوله على قول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو رحمه الله لا يرضى بذلك، كغيره من الأئمة لا يرضون بذلك.

ولهذا يقول الإمام مالك: "كلنا رادٌّ ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر" يعني: رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ويقول الإمام الشافعي: "إذا صحّ الحديث فهو مذهبي"، ويقول: "إذا خالف قولي قولَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فخذوا بقول رسول الله واضربوا بقولي عرْض الحائط"، ويقول رحمه الله: "أجمع المسلمون على أنّ من استبانتْ له سنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يكن له أن يدعها لقول أحد كائناً من كان".

ويقول الإمام مالك رحمه الله: "أَوَ كلَّما جاءنا رجلٌ أَجْدَلَ من رجل تركنا ما نزل به جبريل على محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لجدل هؤلاء؟ ".

والإمام أحمد يقول هذه المقالة: "عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحّته يذهبون إلى رأي سفيان".

والإمام أبو حنيفة رحمه الله يقول: "إذا جاء القولُ عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعلى الرأس والعين، وإذا جاء عن الصّحابة فعلى الرأس والعين، وإذا جاء عن التابعين فنحن رجال وهم رجال"، لأنه رحمه الله كان من أتباع التابعين، وتتلمذ على التابعين، فأبو حنيفة هو أقدم الأئمة الأربعة، بل يُقال: إنه أخذ عن بعض الصّحابة، ولكن هذا لم يَثْبُت، فهو يقول هذه المقالة، يقدِّم قول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الرأس والعين، ولا يقدِّم عليه قول أحد، ثم بعد قول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقدِّم قولَ الصحاب. ولا يعدِل بالصحابي أحداً ممّن جاء بعده، وأما من بعد الصّحابة فيقول: "نحن رجال وهم رجال"، يعني: متساوين في المدارك والعلم.

هذه مقالاتهم- رحمهم الله- تدلُّ على أن الواجب هو الأخذ بما صحّ عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأن اجتهادات العلماء يُستفاد منها وتُدْرَس، ولكن إذا خالف الدليل

<<  <  ج: ص:  >  >>