وعن ابن مسعود قال:"أكبر الكبائر: الإشراك بالله، والأمن من مكر الله، والقنوط من رحمة الله، واليأس من روح الله "رواه عبد الرزّاق.
ــ
أي: من عقوبته عند المعصية من حيث لا يشعر. والغفلة عن طاعة الله سبحانه وتعالى.
وهذا الحديث رواه البزّار وغيره.
وبعضهم يرى أنه من كلام ابن عبّاس، وأنه موقوف، وبعضهم يضعِّفه.
وقد ذكرت لكم أن الشيخ رحمه الله إذا ذكر مثل هذا الحديث الذي في سنده مقال لا يذكره إلاَّ وقبله أو بعده ما يؤيِّده من الآيات أو الأحاديث التي يسوقها في الباب.
وهذا الحديث تؤيِّده الآيتان السابقتان:" {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (٩٩) } "، " {وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ} "، وكذلك الآيات التي في التحذير من الشرك وأنه أكبر الكبائر.
فالحديث هذا وإن كان في سنده مقال إلاَّ أنه تؤيِّده الأدلة الصحيحة، خصوصاً ما ذكره المؤلف رحمه الله من هاتين الآيتين، وبعضهم أثنى على سنده، فهو ليس مُجْمَعاًَ على ضعفه.
قال:"وعن ابن مسعود قال: "أكبر الكبائر" هذا فيه دليل على أن الذنوب تنقسم إلى كبائر وصغائر والكبائر تختلف، بعضها أكبر من بعض كما في الحديث: أن النبي سُئل أيُّ الذنب أعظم؟ قال: "أن تجعل لله نِدًّا وهو خلقك"، قلت: ثمّ أيٌّ؟ قال: "أن تقتُل ولدك خشية أن يَطْعَم معك"، قلت: ثمّ أيٌّ؟، قال: "أن تُزانيَ بحليلة جارك".
فهذه أعظم الكبائر: الشرك بالله، وقتل النفس التي حرّم الله إلاَّ بالحق، ولاسيّما قتل القريب، مثل: قتل الابن. كذلك: الزنا بحليلة الجار، فالزنا محرّم عموماً، وهو كبيرة، ولكن الزنا بحليلة الجار أشد من الزنا بغيرها لحرمة الجيرة، ومِصْداق ذلك في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (٦٨) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً (٦٩) إِلَّا مَنْ تَابَ} .
وقوله: "والأمن من مكر الله" سبق معنى الأمن من مكر الله.