ومن أهمية الموضوع أنه يدفع التناقض عن السنة والطعن في الرواة وقلة الثقة بنقلهم. ولذلك لمّا اختلفت الروايات في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم هل كان إفراداً أو قراناً أو تمتعاً؟ [اعترض بعض الملاحدة على هذا الاختلاف وقالوا هي فعلة واحدة فكيف اختلفوا فيها هذا الاختلاف المتضاد؟ وهذا يؤدي إلى الخلف في خبرهم وقلة الثقة بنقلهم.
وعن هذا الذي قالوه ثلاثة أجوبة:
أحدها: أن الكذب إنمّا يدخل فيما طريقه النقل ولم يقولوا: إنه صلى الله عليه وسلم قال لهم: إني فعلت كذا بل إنما استدلوا على معتقده بما ظهر من أفعاله عليه السلام وهو موضع تأويل والتأويل يقع فيه الغلط فإنما وقع لهم فيما طريقه الاستدلال لا النقل.
والجواب الثاني: أنه يصح أن يكون صلى الله عليه وسلم لما أمر بعض أصحابه بالإفراد وبعضهم بالقران وبعضهم بالتمتع أضاف النقلة إليه صلى الله عليه وسلم ذلك فعلاً وإن كان إنما وقع ذلك منه عليه السلام قولاً. فقالوا: فعل صلى الله عليه وسلم كذا كما يقال رجم النبي صلى الله عليه وسلم مَاِعزاً وقتل السلطانُ اللصَّ أي أمر صلى الله عليه وسلم برجمه وأمر السلطان بقتله.
والجواب الثالث: أنه يصح أن يكون عليه السلام قارناً وفَرَّق بين زمان إحرامه بالعمرة وإحرامه بالحج فسمعت طائفة قوله أولاً "لبيك بعمرة" فقالوا: