ولو يِضبِطُهُ على السَّاعَةِ قد لا يَنتَبِهُ للسَّاعَةِ لِثقَلِ النَّومِ.
فَالوَاجبُ أن يَأخُذَ بِالأَسبَابِ، لا يَتَأَخَّرُ، لا يَسهَرُ سَهَرًا قد يَحُولُ بَينه وبين سَمَاعِ المُنبِّهِ، أو يَحُولُ بينه وبين صَلَاةِ اللَّيلِ وقِيامِ اللَّيلِ، يَتَحَرَّى، والسَّهرُ الذي لا خَيرَ فيه يَضُرُّ ولا يَنْفَعُ. تَقُولُ عَائِشَةُ رضي الله عنها:«كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا فرَغَ مِن صَلَاةِ العِشَاءِ آوَى إلى فِرَاشِهِ»، إذا صَلَّى العِشَاءَ آوَى إلى فِرَاشِهِ. هَذِه عَادَتُهُ صلى الله عليه وسلم، إذا صَلَّى العِشَاءَ قَصَدَ الفِراشَ، فإذا كَانَ آخِرَ اللَّيلِ قَامَ يَتَهَجَّدُ عليه الصَّلَاةُ والسَّلامُ.
إلا مِنْ حَاجَةٍ، قد يَسْمُرُ مع الصِّدِّيقِ ومع عُمرَ ومع بَعضِ الصَّحَابةِ رضي الله عنهم بعد العِشَاءِ، يَسمُرُونَ لِبعضِ مَصَالحِ المُسْلِمِينَ، لِيَنظُرُوا في بِعْضِ المَصَالحِ، يَأخُذُونَ بَعضَ اللَّيلِ، هَذَا لا بَأْسَ، وليُّ الأَمرِ أو الحِسَبَةُ أو طَالِبُ العِلْمِ قد يَسمُرُونَ بَعضَ الوَقتِ، إمَّا لِمَصَالحِ المُسْلِمِينَ في مُرَاقَبةِ أَحوَالِهِم، كَالهَيئَاتِ أو وليِّ الأَمرِ أو أَمِيرِ البَلَدِ أو ما أَشبَهَهُ ممن له حَاجةٌ، فلَا بأسَ أن يَسمُرَ بَعضَ الوَقتِ، أو طَالبُ العِلْمِ يُهيِّئ دُرُوسَهُ، ولكن لا يَتَأَخَّرُ تَأخُّرًا يَمنَعُهُ مِنْ الصُّبحِ أو يُثَقِّلُ عليه صَلَاةَ الصُّبحِ.
والحَاصِلُ: أَنَّه مَتى أَخَذَه النَّومُ لِأيِّ سَبَبٍ فإنه يُصَلِّي كما كَانَ يُصَلِّي، يُؤَذِّن ويُقِيمُ ويُصَلِّي الرَّاتِبَةَ، النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَامُوا بعد الشَّمسِ أَمرَ بِلَالًا رضي الله عنه فَأذَّنَ وتَوضَّؤوا وصَلَّى سُنَّةَ الفَجرِ، ثم قَامَ وصَلَّى الفَجرَ وقَرَأَ فيها جَهْرًا كما كَانَ يَقرَأُ جَهْرًا في الوَقتِ عليه الصلاة والسَّلام.
فَدَلَّ ذَلكَ على أَنَّها تُؤدَّى كما كَانَتْ تُفعَلُ في الوَقتِ سَواءً بِسَواءٍ، هَكَذَا الظُّهرُ وهَكَذَا العَصرُ وهَكَذَا المَغرِبُ وهَكَذَا العِشَاءُ، متى حَبَسَهُ حَابِسٌ عن الوَقتِ، صَلَّاهَا بعد ذَلكَ كما كَانَ يُصَلِّيهَا في الوَقتِ كَالنَّاسِي.