للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وبهَذَا يُعلَمُ أنَّ النَّاسَ إذا نَامُوا عنِ الصَّلَاةِ حَتَّى طَلعَتِ الشَّمسُ يُصَلُّونَها كما كانوا يُصَلُّونَها في الوَقتِ، وقد وَقعَ هَذَا للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مَرَّاتٍ، وَقَعَ عِدَّةَ مَرَّاتٍ.

والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِبِلَالٍ رضي الله عنه: «اكْلَأْ لَنَا الصُّبْحَ»؛ فَوقَفَ على دَابَّتِهِ يَرقُبُ الصُّبحَ، فَأَخذَهُ النَّومُ كمَا أَخَذَهُم، فلم يَستَيقِظُوا إلا في حَرِّ الشَّمسِ، كمَا في الرِّوَايَةِ الأُخْرَى الصَّرِيحَةِ، فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَكُمْ حَيْثُ شَاءَ، وَرَدَّهَا حَيْثُ شَاءَ» (١). سُبحَانَهُ وتَعَالَى.

وفي اللَّفظِ الآخَرِ قَالَ لِبِلَالٍ رضي الله عنه: «أَيْ بِلَالُ» فَقَالَ: أَخَذَ بِنَفْسِي الَّذِي أَخَذَ بِنَفْسِكَ (٢).

المَقْصُودُ: أن الإِنسَانَ ضَعِيفٌ، فعَليهِ الأَخْذُ بِالأَسبَابِ، فإذا نَامَ مُتَأَخِّرًا أو خَشِيَ ألَّا يَقُومَ لِثِقلِ نَومِهِ، لا بُدَّ أن يَأخُذَ بِالأَسبَابِ، إمَّا بأَنْ يَجعَلَ مَنْ يَرقُبُ الصُّبحَ، مِثلمَا أَمرَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بِلَالًا حَتَّى يُخَبِّرَهُ، يَقُولُ لِأهلِهِ لِأَخِيهِ أو لِأَبِيهِ أو لِأُمِّهِ: نَبِّهُونِي إذا أذَّنَ، انْتَبِهُوا لي، أو بِمثلِ ما يَسَّرَ اللهُ الآنَ السَّاعَات، السَّاعَةُ الآنَ بِحَمدِ اللهِ مُيَسَّرةٌ، فيُرَكِّبَها على الوَقتِ الذي يُنَاسِبُ، ثم يَنتَبِهُ بِالمُنَبِّهِ، وهَذَا من أَسبَابِ التَّيسِيرِ -وللهِ الحَمدُ- ولا سِيَّمَا إذا نَامَ مُبَكِّرًا، أما الذي قد يَتَأَخَّرُ كَثِيرًا يِسهَرُ كَثِيرًا، فهَذَا قد يَنَامُ


(١) رواه أبو داود (٤٣٩).
(٢) رواه مسلم (٣٠٩) (٦٨٠).

<<  <   >  >>