للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلاة " (١) . وقال: لم يروه عن ابن عجلان إلا ابن معاذ تفرد به هشام، قال أبو

عمر: فيه دليل على أنّ المستحاضة لا يلزمها غير ذلك الغسل؛ لأن النبي لم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

لا يأمرها بغيره، وفيه ردّ لمن رأى عليها الجمع بين الظهر والعصر بغسل واحد،

والمغرب والعشاء بغسل واحد، ويغتسل للصبح؛ لأنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يأمر حابش

من ذلك في هذا الحديث، وفيه ردّ لمن قال بالاستظهار يومين أو ثلاثا وأقل أو

أكثر، غريبه أمّا القرء فذكر الأصمعي أن الحجازيين من الفقهاء ذهبوا إلى أنه

الطهر، وفي مذهب العراقيين: إلى أنه الحيض، وكل واحد من القولين شاهد

من الحديث واللغة، أمّا حجة الحجازيين من الحديث: فما روى عن عمر

وعثمان وعائشة وزيد بن ثابت- رضي الله تعالى عنهم- أنهم قالوا: الاقراء

الاطهار، وأمّا حجتهم من اللغة فقول ميمون:

وفي كل عام أنت جاسم … غزوة تُشد لأقصاها غيرهم

غير إنكار مورثه مالا وفي الحي … رفعة لما ضاع فيها من قروء لنا

وأمّا حجة العراقيين من الحديث بقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للمستحاضة: " اقعدي عن

الصلاة أيّام اقرائك". وأما حجتهم من اللغة فقول الزاجر: مأرب ذى ضعن

على فارض له قروء كقروء الحائض، قال ابن السيد وحكى يعقوب بن السكين

وغيره من اللغويين أنّ العرب تقول: أقرأت المرأة إذا طهرت وأقرأت إذا

حاضت، وذلك أنّ القرء في كلام العرب معناه الوقت، فلذلك صلح للطهر

والحيض معا، ويدل على ذلك قول مالك بن خالد الهذلي: شيت سيت القصر

عقر بيني شليل إذا هبت لقاربها الرياح، وقد احتج بعض الحجازيين لقولهم

بقوله تعالى: (ثلاثة قروء) فأثبت لها في ثلاثة، فدل ذلك على أنّه أراد

الاطهار، ولو أراد الحيض فقال ثلاث قروء فأثبت لها في ثلاثة فدّل ذلك على


(١) رواه ابن عدي في " الكامل ": (٦/٢٤٣١) بلفظ: " المستحاضة تغتسل من طهر إلى طهر ".
والطبراني في " الصغير " وفيه " من قرء إلى قرء ". وأورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " بلفظ الطبراني (١/٢٨١) وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " و" الصغير " من حديث ابن عمرو بن العاص، وفيه بقية بن الوليد وهو مدلس.
وقوله: " القرء " من الأضداد، يقع على الطهر وعلى الحيض، ولذلك اختلف الفقهاء فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>