للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فعليه يقال: إن خبر واحد معيَّناً١ إذا وصل إلى مستدلين ناظرين في الأدلة الشرعية فصححوه وجب عليهم العمل به وإن كان غيرهم لم يصححه، مع أنه يحتمل أن يكون الصواب مع الذين ضعفوه، فيكون المصححون قد عملوا بما ليس صحيحا، ولا يلزم من ذلك محظور أن الأمة عملت بالباطل أو أن بيان الذكر قد ضاع ...

فخبر الواحد العدل لا يلزم من عدم صحته شيء مما ذكر، إلا أن يقترن به مثل تلقي الأمة له بالقبول والعمل، والتلقي بالقبول قرينة زائدة على مطلق الخبر الحجة وهو خبر العدل المتصل، والله تعالى أعلم.

وهذا وارد على كثير من أدلة هذا القول المطلق.

الدليل الثاني: أن العمل بخبر الواحد واجب، فدل على أنه يفيد العلم القطعي، إذ لو لم يكون مفيدا العلم القطعي لما وجب العمل به، لأن العمل بما ليس علما غير جائز، قال الله تعالى: {ولاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} ٢، ونهى الله أن يقال عليه ما لا يعلم فقال: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ والإِثْمَ والْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ


١ انظر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية حول الفرق بين خبر الواحد المعين وخبر الواحد مطلقا، في المسودة ص٢٤٥-٢٤٧.
٢ سورة الإسراء (٣٦) .

<<  <   >  >>