للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجوب العمل، ويسمَّى واجبا نظرا إلى ظنية دليله، فهو أقوى نوعي الواجب وأضعف نوعي الفرض"١، أو أن ذلك محمول على أن ما بيَّن من الأدلة غير القطعية دليلا قطعيا مجملا فالحكم الثابت بالقطعي وبيانه الغير القطعي حكم قطعي، ومنه المقدار في مسح الرأس٢.

وحاصل هذا الجواب أن جميع ما سماه الحنفية فرضا مما لم يثبت بالدليل القطعي: فإما أنه في مرتبة وسط بين الفرض المطلق والواجب المطلق، وإما أنه محمول على القطعي تبعاً، وذكر الزركشي أن إطلاق الفقهاء لفظ (الفرض) في مثل هذا قد يكون من باب المشاكلة٣.

أما الثالث - وهو إلزامهم تسميةَ النافلة فرضا - فهو مدفوع بأن كلا الموضعين في التقسيم مشترك أولاً في أنه مما يلزم ويتحتم ولا يجوز تركه في العمل، فلا يدخل في ذلك النوافل ابتداء، حتى التي تثبت بالقواطع لأنها ليست لازمة في العمل، فالفرض هو ما ثبت بدليل قطعي مما يلزم فعله ولا


١ حاشية ابن عابدين١/٩٤-٩٥ وانظر١/٢٧٩،٤٤٢، وانظر فتح الغفار بشرح المنار لابن نجيم ٢/٦٢-٦٤.
٢ حاشية ابن عابدين١/٩٥.
٣ انظر البحر المحيط ١/١٧٨-١٧٩، والمشاكلة المماثلة وهي عند أهل البديع: أن يذكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته كقوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} البقرة (١٩٤) وقوله: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٌ سَيِّئَةٌ مِثْلِهَا} الشورى (٤٠) ، انظر مفتاح العلوم للسكاكي ص ٦٦١ والمعجم الوسيط ص ٤٩١.

<<  <   >  >>