للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما عدم التفريق بين اللفظين في لسان الشارع فلأن الأدلة إنما تنقسم إلى قطعي وظني في حق غيره، فكان التفريق غير وارد في حقه لاستواء الأدلة بالنسبة إليه١.

أما الثاني - وهو أن اصطلاحهم منقوض بأحكام سموها فرضا مع عدم ثبوتها بالقطعي - فدفعه بعض الحنفية بأن الفرض على نوعين: فرض قطعي وفرض عملي ظني وهو في قوة القطعي في العمل بحيث يفوت الجواز بفواته، ومن الفرض العملي الظني المقدارُ في مسح الرأس والوتر٢، قال الشيخ ابن عابدين٣: "إن المجتهد قد يقوى عنده الدليل الظني حتى يصير قريبا من القطعي٤، فما ثبت به يسميه فرضا عمليا، لأنه يعامل معاملة الفرض في


١ انظر مسلم الثبوت كما سبق، وهذا دفع للتحكم الشرعي وللاعتراض بعدم ورود ذلك في لسان الشرع.
٢ انظر حاشية ابن عابدين١/٩٤-٩٥.
٣ هو محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز، المعروف بابن عابدين، فقيه أصولي، من تصانيفه: رد (المحتار على الدر المختار) في الفقه، وهو معروف بحاشية ابن عابدين، و (نسمات الأسحار على شرح المنار) في الأصول، والرحيق المختوم في الفرائض، توفي سنة (١٢٥٢) هـ. انظر الفتح المبين٣/١٤٧-١٤٨ والأعلام للزركلي٦/٢٦٧-٢٦٨.
٤ تقدم (١٩٥) أن بعض العلماء أثبتوا مرتبة بين القطعي المطلق وبين الظني المطلق وهو الظني القوي أو المقارب للقطعي، وعلى ما ذكر هنا يكون الدليل في هذه الرتبة هو المثبت للفرض العملي، فكما أن الأدلة عند المثبتين للمرتبة الوسطى ثلاثية القسمة: قطعي مطلق وظني مطلق وظني قوي مقارب للقطعي فكذا الأحكام عند ابن عابدين ثلاثية القسمة تبعا للأدلة المثبتة لها وهي على الترتيب السابق: فرض مطلق وواجب مطلق وفرض عملي.

<<  <   >  >>