للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستدلوا: بما ثبت في مسلم في حديث المرأة التي كانت تقم المسجد وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها وإن الله ينورها لهم بصلاتي عليهم) (١) .

قالوا: فهذا يدل على أن الصلاة على القبر خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، والحديث قد أعله بعض أهل العلم المتقدمين، ولكن الصحيح أن سنده صحيح وليس بمعل.

والجواب عنه أن يقال: إن هذا التخصيص إنما هو في الأثر لا في الفعل، فأثر صلاته في الأموات سواء كانوا في قبورهم أو قبل ذلك – أن تكون صلاته عليهم رحمة لهم.

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم – كما في النسائي – لما صلى على جنازة رجل: (إن صلاتي عليه رحمة) (٢) وقد صلى عليه قبل أن يدفن.

فمن خاصية صلاته على الأموات قبل دفنهم أو وهم في قبورهم – أن يكون ذلك رحمة لهم وإنارة لهم في قبورهم.

وأما أن يكون الحكم – وهو الفعل – خاصاً بالنبي صلى الله عليه وسلم فلا، كما أنه خلاف الأصل.

فالحديث ليس فيه إلا أن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم مختصة بأن تكون نوراً لأهل القبور، وليس فيه أن هذا الفعل خاص بالنبي صلى النبي صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.

حكم الصلاة على الجنازة بين القبور – (انظر الكلام على هذه المسألة في الدرس الحادي والخمسين بعد المائة الذي سيأتي) -:

لا يجوز ذلك، وهو رواية عن الإمام أحمد؛ لما روى الضياء في المختارة والطبراني في الأوسط أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (نهى عن الصلاة على الجنائز بين القبور) (٣) وإسناده حسن.

والمشهور في المذهب: جواز ذلك وتخصيص النهي بالصلوات ذوات الركوع والسجود.

لكن الصحيح النهي مطلقاً؛ للحديث الصحيح المتقدم وأحاديث الضياء أصح من أحاديث الحاكم – كما ذكر شيخ الإسلام – وقد اشترط فيها الصحة.

مسألة:


(١) صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب (٢٣) الصلاة على القبر (٩٥٦) .