دَعْوَة وحدة الْأَدْيَان وَبَيَان مَا فِيهَا من حق وباطل
قَالَ صَاحب التَّتِمَّة - رَحمَه الله -: [قَالَ تَعَالَى: {وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ} إِنَّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ رَدًّا صَرِيحًا عَلَى أُولَئِكَ الَّذِينَ يُنَادُونَ بِدُونِ عِلْمٍ إِلَى دَعْوَةٍ لَا تَخْلُو مِنْ تَشْكِيكٍ، حَيْثُ لَمْ تَسْلَمْ مِنْ لَبْسٍ، وَهِيَ دَعْوَةُ وَحْدَةِ الْأَدْيَانِ، وَمَحَلُّ اللَّبْسِ فِيهَا أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ مِنْهُ حَقٌّ، وَمِنْهُ بَاطِلٌ.
أَمَّا الْحَقُّ فَهُوَ وَحْدَةُ الْأُصُولِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَآ أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَآءَ
وَيُقِيمُواْ الصلاةَ وَيُؤْتُواْ الزكاةَ} ، وَأَمَّا الْبَاطِلُ فَهُوَ الْإِبْهَامُ، بِأَنَّ هَذَا يَنْجَرُّ عَلَى الْفُرُوعِ مَعَ الْجَزْمِ عِنْدَ الْجَمِيعِ
، بِأَنَّ فُرُوعَ كُلِّ دِينٍ قَدْ لَا تَتَّفِقُ كُلُّهَا مَعَ فُرُوعِ الدِّينِ الْآخَرِ، فَلَمْ تَتَّحِدِ الصَّلَاةُ فِي جَمِيعِ الْأَدْيَانِ وَلَا الصِّيَامُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ.
وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ تَفْصِيلٍ لِلْفُرُوعِ وَالسُّنَّةُ، تُكْمِلُ تَفْصِيلَ مَا أَجْمَلَ.
وَهُنَا النَّصُّ الصَّرِيحُ بِأَنَّ ذَلِكَ الَّذِي جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ هُوَ دِينُ الْقَيِّمَةِ، وَأَنَّ الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ، وَهِيَ أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُعَادِلَ وَيُسَاوِيَ مَعَ غَيْرِهِ أَبَدًا مَعَ نُصُوصِ الْقُرْآنِ، بِأَنَّ اللَّهَ أَخَذَ الْعَهْدَ عَلَى جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ لَئِنْ أَدْرَكُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُؤْمِنُنَّ بِهِ، وَلَيَنْصُرُنَّهُ وَلَيَتَّبِعُنَّهُ، وَأَخَذَ عَلَيْهِمُ الْعَهْدَ بِذَلِكَ، وَقَدْ أَخْبَرَ الرُّسُلُ أُمَمَهُمْ بِذَلِكَ، فَلَمْ يَبْقَ مَجَالٌ فِي هَذَا الْوَقْتِ وَلَا غَيْرِهِ لِدَعْوَةِ الْجَاهِلِيَّةِ بِعُنْوَانٍ مُجَوَّفٍ وَحْدَةِ الْأَدْيَانِ، بَلِ الدِّينُ الْإِسْلَامِيُّ وَحْدَهُ {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلَامُ} ، {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ} ، وباللَّه تَعَالَى التَّوْفِيقُ.] (١) .
(١) - ٩/٤١٤ - ٤١٥، الْبَيِّنَة / ٥.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute