للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالتِّرْمِذِيُّ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، لَكِنِ اخْتُلِفَ فِي وَصْلِهِ إرْسَاله، وَحَكَمَ مَعَ ذَلِكَ بِصِحَّتِهِ الْحَاكِمُ وَابْنُ حِبَّانَ. وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ «فِي نَيْلِ الْأَوْطَارِ» : صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ، وَأَشَارَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ إِلَى صِحَّتِهِ.

قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ: التَّحْقِيقُ أَنَّ الْحَدِيثَ إِذَا اخْتُلِفَ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ، وَثَبَتَ مَوْصُولًا مِنْ طَرِيقٍ صَحِيحِةٍ حُكِمَ بِوَصْلِهِ، وَلَا يَكُونُ الْإِرْسَالُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى عِلَّةً فِيهِ. لِأَنَّ الْوَصْلَ زِيَادَةٌ وَزِيَادَاتُ الْعَدْلِ مَقْبُولَةٌ. وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِ صَاحِبِ «مَرَاقِي السُّعُودِ» :

وَالرَّفْعُ وَالْوَصْلُ وَزِيدَ اللَّفْظُ ... مَقْبُولَةٌ عِنْدَ إِمَامِ الْحِفْظِ

مِنْ أَدِلَّةِ مَنْ قَالَ: تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِي الْقُبُورِ مَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ

كَانَتْ تَقُمُّ الْمَسْجِدَ أَوْ شَابًا فَقَدَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَ عَنْهَا أَوْ عَنْهُ فَقَالُوا مَاتَ قَالَ: «أَفَلَا آذَنْتُمُونِي» قَالَ: فَكَأَنَّهُمْ صغَّروا أَمْرَهَا أَوْ أَمْرَهُ. فَقَالَ: دلُّوني عَلَى قَبْرِهِ فدلُّوه فصلَّى عَلَيْهَا. ثمَّ قَالَ: «هَذِهِ الْقُبُورُ مملوءةٌ ظُلْمَةً عَلَى أَهْلِهَا وإنَّ اللَّهَ يُنَوِّرُهَا لَهُمْ بِصَلَاتِي عَلَيْهِمْ» (١) . وَلَيْسَ لِلْبُخَارِيِّ «إِنَّ هَذِهِ الْقُبُورَ مَمْلُوءَةٌ ظُلْمَةً» إِلَى آخِرِ الْخَبَرِ قَالُوا: فَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الصَّلَاةِ إِلَى الْقَبْرِ.

وَمِنْ أَدِلَّتِهِمْ أَيْضًا مَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: انْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَبْرٍ رَطْبٍ فَصَلَّى عَلَيْهِ وَصَفُّوا خَلْفَهُ وَكَبَّرَ أَرْبَعًا (٢) .

وَمِنْ أَدِلَّتِهِمْ أَيْضًا مَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم


(١) - أخرجه البُخَارِيّ (١/١٧٦) (٤٤٨) ، وَمُسلم (٢/٦٥٩) (٩٥٦) .
(٢) - أخرجه البُخَارِيّ (١/٤٤٣) (١٢٥٦) ، وَمُسلم (٢/٦٥٨) (٩٥٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>