للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

غشيهم قال لهم: إلى من بُعثتم؟ قالوا: إليك. قال: ولم؟ قالوا: إن رسول الله كان بعث إليك الوليد بن عقبة، فزعم أنك منعته الزكاة وأردت قتله. قال: لا والذي بعث محمدا بالحق ما رأيته بَتَّةً ولا أتاني. فلما دخل الحارث على رسول الله قال: "منعت الزكاة وأردت قتل رسولي؟ ". قال: لا والذي بعثك بالحق ما رأيته ولا أتاني، وما أقبلت إلا حين احتبس علي رسول رسول الله (١) ، خشيت أن يكون كانت سخطة من الله ورسوله. قال: فنزلت الحجرات: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ) إلى قوله: (حكيم).

ورواه ابن أبي حاتم عن المنذر بن شاذان التمار، عن محمد بن سابق به. ورواه الطبراني من حديث محمد بن سابق، به (٢)، غير أنه سماه الحارث بن سرار، والصواب: الحارث بن ضرار، كما تقدم.

وقال (٣) ابن جرير: حدثنا أبو كُرَيْب، حدثنا جعفر بن عَوْن، عن موسى بن عبيدة، عن ثابت مولى أم سلمة، عن أم سلمة قالت: بعث رسول الله رجلا في صدقات بني المصطلق بعد الوقيعة (٤)، فسمع بذلك القوم، فتلقوه يعظمون أمر رسول الله ، قالت: فحدثه الشيطان أنهم يريدون قتله، قالت: فرجع إلى رسول الله (٥) فقال: إن بني المصطلق قد منعوني (٦) صدقاتهم. فغضب رسول الله والمسلمون. قالت: فبلغ القوم رجوعه فأتوا رسول الله ، فصفوا له حين صلى الظهر، فقالوا: نعوذ بالله من سخط الله وسخط رسوله، بعثت إلينا رجلا مصدقًا، فسررنا بذلك، وقرت به أعيننا، ثم إنه رجع من بعض الطريق، فخشينا أن يكون ذلك غضبا من الله ومن رسوله، فلم يزالوا يكلمونه حتى جاء بلال فأذن بصلاة العصر، قالت: ونزلت: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (٧).

وروى ابن جرير أيضا من طريق العَوْفي، عن ابن عباس في هذه الآية قال: كان رسول الله بعث الوليد بن عقبة بن أبي مُعَيْط إلى بني المصطلق ليأخذ منهم الصدقات، وإنهم لما أتاهم الخبر فرحوا وخرجوا يتلقون رسول رسول الله ، وأنه لما حُدِّثَ الوليد أنهم خرجوا يتلقونه، رجع الوليد إلى رسول الله فقال: يا رسول الله، إن بني المصطلق قد منعوا الصدقة. فغضب رسول الله من ذلك غضبا شديدا، فبينا هو يحدث نفسه أن يغزوهم إذ أتاه الوفد فقالوا: يا رسول الله، إنا حدثنا أن رسولك رجع من نصف الطريق، وإنا خشينا أن ما رده كتاب جاء منك لغضب غضبته علينا، وإنا نعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله. وإن النبي استغشهم وهمّ بهم، فأنزل الله (٨) عذرهم في الكتاب، فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) إلى آخر الآية (٩).


(١) في ت: "احتبس علي يا رسول الله".
(٢) المسند (٤/ ٢٧٩) والمعجم الكبير (٣/ ٢٧٤) قال الهيثمي في المجمع (٧/ ١٠٩): "رجال أحمد ثقات"، وهذا متعقب فإن دينار والدعيسي لم يوثقه إلا ابن حبان، ولا يعرف له راويا غير ابنه عيسى.
(٣) في ت: "وروى".
(٤) في ت: "الوقعة".
(٥) في ت، م، أ: "رسول الله ".
(٦) في ت، م: "منعوا".
(٧) تفسير الطبري (٢٦/ ٧٨) وفي إسناده موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف، وثابت مولى أم سلمة مجهول.
(٨) في م: "الله ﷿".
(٩) تفسير الطبري (٢٦/ ٧٨).