للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإنما الدرجات تفاوتها (١) بحسب عمل الصالحات.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا الفضل بن شاذان المقرئ، حدثنا يوسف بن يعقوب -يعني الصفار-حدثنا أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن أبي صالح (٢)، عن أبي هريرة، ، قال: قال رسول الله : "كل أهل النار يرى منزله من الجنة حسرة، فيقول: ﴿لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ [الزمر: ٥٧] وكل أهل الجنة يرى منزله من النار فيقول: ﴿وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ﴾ [الأعراف: ٤٣]، ليكون (٣) له شكرا". قال: وقال رسول الله : "ما من أحد إلا وله منزل في الجنة ومنزل في النار، فالكافر يرث المؤمنَ منزلَه من النار، والمؤمن يرث الكافرَ منزله من الجنة" وذلك (٤) قوله تعالى: (وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٥).

وقوله: (لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ) أي: من جميع الأنواع، (مِنْهَا تَأْكُلُونَ) أي: مهما اخترتم وأردتم. ولما ذكر [الله تعالى] (٦) الطعام والشراب، ذكر بعده الفاكهة لتتم [هذه] (٧) النعمة والغبطة.

﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (٧٤) لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (٧٥) وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ (٧٦) وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ (٧٧) لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (٧٨) أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ (٧٩) أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (٨٠)﴾.

لما ذكر [تعالى] (٨) حال السعداء، ثنى بذكر الأشقياء، فقال: (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ) أي: ساعة واحدة (وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ) أي: آيسون من كل خير، (وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ) أي: بأعمالهم السيئة بعد قيام الحجج عليهم وإرسال الرسل إليهم، فكذبوا وعصوا، فجوزوا بذلك جزاء وفاقا، وما ربك بظلام للعبيد.

(وَنَادَوْا يَا مَالِكُ) وهو: خازن النار.

قال البخاري: حدثنا حجاج بن مِنْهال، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن عطاء (٩)، عن صفوان بن يعلى، عن أبيه قال: سمعت رسول الله يقرأ على المنبر: (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ)


(١) في أ: "وإنما الدرجات ينال تفاوتها".
(٢) في ت: "وروى ابن أبي حاتم بسنده".
(٣) في ت، م: "فيكون".
(٤) في ت، م: "فيكون".
(٥) ورواه أحمد في مسنده (٢/ ٥١٢) من طريق أبي بكر بن عياش به مختصرا.
(٦) زيادة من ت.
(٧) زيادة من ت.
(٨) زيادة من أ.
(٩) في ت: "روى البخاري بإسناده".