للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المحال تضلونا بها (وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ) أي: الجميع من السادة والأتباع، كُلٌّ نَدم على ما سَلَف منه.

(وَجَعَلْنَا الأغْلالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا): وهي السلاسل التي تجمع أيديهم مع أعناقهم، (هَلْ يُجْزَوْنَ إِلا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (١) أي: إنما نجازيكم بأعمالكم (٢)، كُلٌّ بحسبه، للقادة عذاب بحسبهم، وللأتباع بحسبهم ﴿قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ٣٨].

قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا فَرْوَة بن أبي المغراء، حدثنا محمد بن سليمان (٣) بن الأصبهاني، عن أبي سنان ضرار بن صُرَد، عن عبد الله بن أبي الهُذَيل (٤)، عن أبي هريرة، ، قال: قال رسول الله : "إن جهنم لما سيق إليها أهلها تَلَقَّاهم لهبها، ثم لَفَحَتْهُم لفحةً فلم يبق لحم (٥) إلا سقط على العرقوب". (٦)

وحدثنا (٧) أبي، حدثنا أحمد بن أبي الحواري، حدثنا الطيب أبو الحسن، عن الحسن بن يحيى الخُشَني قال: ما في جهنم دار ولا مغار ولا غل ولا سلسلة ولا قيد، إلا اسم صاحبها عليه مكتوب. قال: فحدثته أبا سليمان -يعني: الداراني، رحمة الله عليه (٨) -فبكى ثم قال: ويحك. فكيف به لو جمع هذا كله عليه، فجعل القيد في رجليه، والغُلّ في يديه والسلسلة في عنقه، ثم أدخل النار وأدخل المغار؟!

﴿وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (٣٤) وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالا وَأَوْلادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٣٥) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٣٦) وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ (٣٧) وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (٣٨) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (٣٩)﴾.

يقول تعالى مسليا لنبيه، وآمرا له بالتأسي بمن قبله من الرسل، ومخبره بأنه ما بعث نبيا في قرية إلا كذبه (٩) مترفوها، واتبعه ضعفاؤهم، كما قال قوم نوح: ﴿أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأَرْذَلُونَ﴾ [الشعراء: ١١١]، ﴿وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ﴾ [هود: ٢٧]، وقال الكبراء من قوم صالح: ﴿لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ﴾ [الأعراف: ٧٥، ٧٦]


(١) في ت، س: "هل تجزون إلا ما كنتم تعلمون".
(٢) في أ: "نجازيهم بأعمالهم".
(٣) في أ: "سليم".
(٤) في ت: "روى ابن أبي حاتم بإسناده".
(٥) في ت: "فلم يبق لهم لحم".
(٦) ورواه الطبراني في المعجم الأوسط برقم (٤٨٤٨) "مجمع البحرين" وأبو نعيم في الحلية (٤/ ٣٦٣) من طرق عن محمد بن سليمان الأصبهاني، به. وقال الهيثمى في المجمع (١٠/ ٣٨٩): "وفيه محمد بن سليمان الأصبهاني وهو ضعيف".
(٧) في ت: "وروى".
(٨) في ت: "".
(٩) في ت: "إلا كفر به".