للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد أخرج البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن نمير، عن هشام بن عُرْوَة، عن أبيه، عن عائشة نحوًا من هذا، ولكنه (١) أخصر منه، وفيه دُعاء سعد، (٢).

﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا (٢٨) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (٢٩)﴾.

هذا أمر من الله لرسوله، صلوات الله وسلامه عليه (٣)، بأن يخَيّر نساءه بين أن يفارقهن، فيذهبن إلى غيره ممن يَحصُل لهن عنده الحياةُ الدنيا وزينتها، وبين الصبر على ما عنده من ضيق الحال، ولهن عند الله في ذلك الثواب الجزيل، فاخترن، وأرضاهن، الله ورسوله والدار الآخرة، فجمع الله لهن بعد ذلك بين خير الدنيا وسعادة الآخرة.

قال (٤) البخاري: حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، أن عائشة، ، زوج النبي أخبرته: أن رسول الله جاءها حين أمره الله أن يخير أزواجه، فبدأ بي رسول الله فقال: "إني ذاكر لك أمرا، فلا عليك أن لا تستعجلي حتى تستأمري أبويك"، وقد عَلمَ أن أبويّ لم يكونا يأمراني بفراقه. قالت: ثم قال: "وإن الله قال: (يا أيها النبي قل لأزواجك) إلى تمام الآيتين، فقلت له: ففي أي هذا أستأمر أبوي؟ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة (٥).

وكذا رواه معلقا عن الليث: حدثني يونس، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة، فذكره وزاد: قالت: ثم فعل أزواج النبي مثل ما فعلت (٦).

وقد حكى البخاري أن مَعْمَرًا اضطرب، فتارة (٧) رواه عن الزهري، عن أبي سلمة، وتارة رواه عن الزهري، عن عُرْوَة، عن عائشة (٨).

وقال ابن جرير: حدثنا أحمد بن عبَدة الضَّبِّي، حدثنا أبو عَوَانة، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه قال: قالت عائشة: لما نزل الخيار قال لي رسول الله : "إني أريد أن أذكر لك أمرا، فلا تقضي فيه شيئا حتى تستأمري أبويك". قالت: قلت: وما هو يا رسول الله؟ قال: فردّه عليها. فقالت: فما هو يا رسول الله؟ قالت: فقرأ عليها: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا) إلى آخر الآية. قالت: فقلت: بل نختار الله ورسوله والدار الآخرة. قالت: ففرح بذلك النبي (٩)


(١) في ت، أ: "ولكن".
(٢) صحيح البخاري برقم (٤١١٧) وصحيح مسلم برقم (١٧٦٩).
(٣) في ت: "".
(٤) في ت: "فروى".
(٥) صحيح البخاري برقم (٤٧٨٥).
(٦) صحيح البخاري برقم (٤٧٨٦).
(٧) في أ: "فيه قتادة و".
(٨) صحيح البخاري (٨/ ٥٢٠) "فتح".
(٩) تفسير الطبري (٢١/ ١٠٠).