للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حَسِيْكَة، ضَعُف حاله فتنفس بما يجده من الوسواس في نفسه؛ لضعف إيمانه، وشدة ما هو فيه من ضيق الحال.

وقوم آخرون قالوا كما قال الله: (وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ) يعني: المدينة، كما جاء في الصحيح: "أريت [في المنام] (١) دارَ هجرتكُم، أرض بين حَرّتين فذهب وَهْلي أنها هَجَر، فإذا هي يثرب" (٢)، ش وفي لفظ: "المدينة".

فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد: حدثنا إبراهيم بن مهدي، حدثنا صالح بن عمر، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء، ، قال: قال رسول الله : "من سَمَّى المدينة يثرب، فليستغفر الله، هي طابة، هي طابة" (٣).

تفرد به الإمام أحمد، وفي (٤) إسناده ضعف، والله أعلم.

ويقال: إنما كان أصل تسميتها "يثرب" برجل نزلها من العماليق، يقال له: يثرب بن عبيل بن مهلابيل بن عوص بن عملاق بن لاوذ بن إرم بن سام بن نوح. قاله السهيلي، قال: وروي عن بعضهم أنه قال: إن لها [في التوراة] (٥) أحد عشر اسما: المدينة، وطابة، وطيبة، المسكينة، والجابرة، والمحبة، والمحبوبة، والقاصمة، والمجبورة، والعذراء، والمرحومة.

وعن كعب الأحبار قال: إنا نجد في التوراة يقول الله للمدينة: يا طيبة، ويا طابة، ويا مسكينة [لا تقلي الكنوز، أرفع أحاجرك على أحاجر القرى] (٦).

وقوله: (لا مُقَامَ لَكُمْ) أي: هاهنا، يعنون عند النبي في مقام المرابطة، (فَارْجِعُوا) أي: إلى بيوتكم ومنازلكم. (وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ): قال العوفي، عن ابن عباس: هم بنو حارثة قالوا: بيوتنا نخاف عليها السَّرَقَ. وكذا قال غير واحد.

وذكر ابن إسحاق: أن القائل لذلك هو أوس بن قَيظيّ، يعني: اعتذروا في الرجوع إلى منازلهم بأنها عَورة، أي: ليس دونها ما يحجبها عن العدو، فهم يخشون عليها منهم. قال الله تعالى: (وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ) أي: ليست كما يزعمون، (إِنْ يُرِيدُونَ إِلا فِرَارًا) أي: هَرَبًا من الزحف.

﴿وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلا يَسِيرًا (١٤) وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولا (١٥)

يخبر تعالى عن هؤلاء الذين ﴿يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلا فِرَارًا﴾: أنهم لو


(١) زيادة من ت، ف، والبخاري.
(٢) رواه البخاري في صحيحه برقم (٧٠٣٥) من حديث أبي موسى، .
(٣) المسند (٤/ ٢٨٥).
(٤) في ت: "ففي".
(٥) زيادة من ت، ف، أ.
(٦) زيادة من ف، أ.