للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يذنب صغيرة ولا كبيرة، فإنها مُحْصَاة عليه " (١)

وقوله: (وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا) أي: من خير أو شر كما قال تعالى: ﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا﴾ [آل عمران: ٣٠]، وقال تعالى: ﴿يُنَبَّأُ الإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ﴾ [القيامة: ١٣] وقال تعالى: ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾ [الطارق: ٩] أي: تظهر المخبآت والضمائر.

قال الإمام أحمد: حدثنا أبو الوليد، حدثنا شعبة، عن ثابت، عن أنس، عن النبي قال: "لكل غادر لواء يومَ القيامة [يعرف به" (٢).

أخرجاه في الصحيحين، وفي لفظ: "يُرْفَع لكل غادر لواء يومَ القيامة] (٣) عند استه بقدر غَدْرته، يقال: هذه غَدْرَة فلان بن فلان" (٤)

وقوله: (وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا) أي: فيحكم بين عباده في أعمالهم جميعًا، ولا يظلم أحدا من خلقه، بل يغفر (٥) ويصفح ويرحم ويعذب من يشاء، بقدرته وحكمته وعدله، ويملأ النار من الكفار وأصحاب المعاصي، [ثم ينجي أصحاب المعاصي] (٦) ويُخلَّد فيها الكافرون (٧) وهو الحاكم الذي لا يجور ولا يظلم، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ٤٠] وقال: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا (٨) تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾ [الأنبياء: ٤٧] والآيات في هذا (٩) كثيرة.

وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد، أخبرنا همام بن يحيى، عن القاسم بن عبد الواحد المكي، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: بلغني حديث عن رجل سمعه من رسول الله ، فاشتريت بعيرًا ثم شددت عليه رَحْلى، فسرت عليه شهرًا، حتى قدمت عليه الشام، فإذا عبد الله بن أنيس (١٠) فقلت للبواب: قل له: جابر على الباب. فقال: ابن عبد الله؟ فقلت: نعم. فخرج يطأ ثوبه، فاعتنقني واعتنقته، فقلت: حديث بلغني عنك أنك سمعته من رسول الله في القصاص، فخشيت أن تموت أو أموت قبل أن أسَمَعه فقال: سمعت رسول الله يقول: "يحشُر الله، ﷿ الناس يوم القيامة -أو قال: العبادَ-عُرَاةَ غُرْلا بُهْمًا" قلت: وما بهمًا؟ قال: "ليس معهم شيء ثم يناديهم بصوت يسمعه من بعد، كما يسمعه من قَربَ: أنا الملك، أنا الديان، لا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار، وله عند أحد من أهل الجنة حق، حتى أقصه (١١) منه، ولا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة، وله عند رجل من أهل النار حق، حتى أقصه (١٢) منه حتى اللطمة". قال: قلنا: كيف، وإنما نأتي الله، ﷿، عُراة غُرْلا بُهْمًا؟ قال:


(١) المعجم الكبير (٦/ ٥٢).
(٢) المسند (٣/ ١٤٢).
(٣) زيادة من ف.
(٤) صحيح البخاري برقم (٣١٨٦) وصحيح مسلم برقم (١٧٣٧).
(٥) في ت، ف: "يعفو".
(٦) زيادة من ف.
(٧) في ف: "الكافرين".
(٨) في ت: "ولا" وهو خطأ.
(٩) في ت: "في هذه"، وفي ف: "فيهما".
(١٠) في ت: "أنس".
(١١) في ت، ف، أ: "أقضيه".
(١٢) في ت، ف، أ: "أقضيه".