للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد رده الله تعالى بقوله: (قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا) قال: وفي (١) قراءة عبد الله: "وقالوا: ولبثوا"، يعني أنه قاله الناس (٢)

وهكذا قال -كما قال قتادة-مُطرَف بن عبد الله.

وفي هذا الذي زعمه قتادة نظر، فإن الذي بأيدي أهل الكتاب أنهم لبثوا ثلاثمائة سنة من غير تسع، يعنون بالشمسية، ولو كان الله قد حكى قولهم لما قال: (وَازْدَادُوا تِسْعًا) وظاهر الآية إنما هو من إخبار الله، لا حكاية عنهم. وهذا اختيار ابن جرير، . ورواية قتادة قراءة ابن مسعود منقطعة، ثم هي شاذة بالنسبة إلى قراءة الجمهور فلا يحتج بها، والله أعلم.

وقوله: (أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ) أي: إنه لبصير بهم سميع لهم.

قال ابن جرير: وذلك في معنى المبالغة في المدح، كأنه قيل: ما أبصره وأسمعه، وتأويل الكلام: ما أبصر الله لكل موجود، وأسمعه لكل مسموع، لا يخفى عليه من ذلك شيء.

ثم روي عن قتادة في قوله: (أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ) فلا أحد أبصر (٣) من الله ولا أسمع.

وقال ابن زيد: (أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ) يرى أعمالهم، ويسمع ذلك منهم سميعًا بصيرًا.

وقوله: (مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا) أي: إنه تعالى هو الذي له الخلق والأمر، الذي لا معقب لحكمه، وليس له وزير ولا نصير ولا شريك ولا مشير، تعالى وتقدس.

﴿وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (٢٧)

يقول تعالى آمرًا رسوله [] (٤) بتلاوة كتابه العزيز وإبلاغه (٥) إلى الناس: (لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ) أي: لا مغير (٦) لها ولا محرف ولا مؤوّل.

وقوله: (وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا) [عن مجاهد: (مُلْتَحَدًا) قال: ملجأ. وعن قتادة: وليًا ولا مولى] (٧) قال ابن جرير: يقول (٨) إن أنت يا محمد لم تتل ما أوحي إليك من كتب ربك، فإنه لا ملجأ لك من الله". كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾ [المائدة: ٦٧]، وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ﴾ [القصص: ٨٥] أي: سائلك عما فرض عليك من إبلاغ الرسالة.

﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (٢٨)


(١) في ت: "ومن".
(٢) في أ: "ابن عباس".
(٣) في ت: "أنصر".
(٤) زيادة من أ.
(٥) في ت "وابتلاغه".
(٦) في ت، ف: "أي غير مغير".
(٧) زيادة من أ.
(٨) في ت: "ويقول".