للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يعرفون الناس بالتوسم" (١)

ورواه الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا سهل بن بحر، حدثنا سعيد بن محمد الجرمي، حدثنا أبو بشر -يقال له: ابن المزلق، قال: وكان ثقة -عن ثابت، عن أنس قال: قال رسول الله : "إن لله عبادًا يعرفون الناس بالتوسم" (٢)

وقوله: (وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ) أي: وإن قرية سدوم التي أصابها ما أصابها من القلب الصوري والمعنوي، والقذف بالحجارة، حتى صارت بحيرة (٣) منتنة خبيثة لبطريق مَهْيَع مسالكه (٤) مستمرة إلى اليوم، كما قال تعالى: ﴿وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ * وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ﴾ [الصافات: ١٣٧، ١٣٨]

وقال مجاهد، والضحاك: (وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ) قال: مُعَلَّم. وقال قتادة: بطريق واضح. وقال قتادة أيضًا: بصقع من الأرض واحد.

وقال السدي: بكتاب مبين، يعني كقوله: ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾ [يس: ١٢] ولكن ليس المعنى على ما قال هاهنا، والله أعلم.

وقوله: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ) أي: إن الذي صنعنا بقوم لوط من الهلاك والدمار وإنجائنا لوطا وأهله، لدلالة واضحة جلية (٥) للمؤمنين بالله ورسله.

﴿وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ (٧٨) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ (٧٩)

أصحاب الأيكة: هم قوم شعيب.

قال الضحاك، وقتادة، وغيرهما: الأيكة: الشجر الملتف.

وكان ظلمهم بشركهم بالله وقطعهم الطريق، ونقصهم المكيال والميزان. فانتقم الله منهم بالصيحة والرجفة وعذاب يوم الظلة، وقد كانوا قريبًا من قوم لوط، بَعْدَهم في الزمان، ومسامتين لهم في المكان؛ ولهذا قال تعالى: (وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ) أي: طريق مبين.

قال ابن عباس، ومجاهد، والضحاك: طريق ظاهر؛ ولهذا لما أنذر شعيب قومه قال في نذارته إياهم: ﴿وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ﴾

﴿وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (٨٠) وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (٨١) وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ (٨٢) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ (٨٣) فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٨٤)


(١) تفسير الطبري (١٤/ ٣٢) ورواه القضاعي في مسند الشهاب برقم (١٠٠٥) والطبراني في المعجم الأوسط برقم (٥٠٠٤) "مجمع البحرين" من طريق أبي بشر المزلق به، وقال الهيثمي في المجمع (١٠/ ٢٦٨): "إسناده حسن". وقال الذهبي في ترجمة أبي بشر المزلق: "روى خبرا منكرا فذكره" وهذا أقرب.
(٢) مسند البزار برقم (٣٦٣٢) "كشف الأستار" وقال: "لا نعلم رواه عن ثابت، عن أنس إلا أبو بشر".
(٣) في ت: "بخرة"، وفي أ: "بخرة".
(٤) في ت، أ: "سالكة".
(٥) في أ: "جليلة".