للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حل بهم من العذاب والنكال، (وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ) كأنه كان معهم من يهديهم السبيل.

(وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأمْرَ) أي: تقدمنا إليه في هذا (أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ) أي: وقت: الصباح كما قال في الآية الأخرى: ﴿إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ﴾ [هود: ٨١]

﴿وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ (٦٧) قَالَ إِنَّ هَؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ (٦٨) وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ (٦٩) قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ (٧٠)

يخبر تعالى عن مجيء قوم لوط لما علموا بأضيافه (١) وصباحة وجوههم، وأنهم جاءوا مستبشرين بهم فرحين، (قَالَ إِنَّ هَؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ * وَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ)

وهذا إنما قاله لهم قبل أن يعلم بأنهم رسل الله كما قال في سياق (٢) سورة هود، وأما هاهنا فتقدم ذِكرُ أنهم رسل الله، وعطف بذكر مجيء قومه ومحاجته لهم. ولكن الواو لا تقتضي الترتيب، ولا سيما إذا دل دليل (٣) على خلافه، فقالوا له مجيبين: (أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ) أي: أو ما نهيناك أن تضيف أحدًا؟ فأرشدهم إلى نسائهم، وما خلق لهم ربهم منهن من الفروج المباحة. وقد تقدم أيضا القول في ذلك، بما أغنى عن إعادته.

﴿قَالَ هَؤُلاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (٧١) لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (٧٢)

هذا كله وهم غافلون عما يراد بهم، وما قد أحاط بهم من البلاء، وماذا يُصبحهم من العذاب المستقر؛ ولهذا قال تعالى لنبيه : (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) أقسم تعالى بحياة نبيه، صلوات الله وسلامه عليه، وفي هذا تشريف عظيم، ومقام رفيع وجاه عريض.

قال عمرو بن مالك النُّكْري (٤) عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس، أنه قال: ما خلق الله وما ذرأ وما برأ نفسًا أكرم عليه من محمد ، وما سمعت الله أقسم بحياة أحد غيره، قال الله تعالى: (٥) (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) [يقول: وحياتك وعمرك وبقائك في الدنيا " إنهم لفي سكرتهم يعمهون"] (٦) رواه ابن جرير.

وقال قتادة: (فِي سَكْرَتِهِمْ) أي: في ضلالتهم، (يَعْمَهُونَ) أي: يلعبون.

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: (لَعَمْرُكَ) لعيشك، (إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) قال: يتحيرون (٧)

﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (٧٣) فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ (٧٤) إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (٧٥) وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ (٧٦) إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (٧٧)


(١) في ت: "بضيفانه".
(٢) في ت: "سياقة".
(٣) في ت: "دليله".
(٤) في ت: "البكري".
(٥) في أ: "﷿".
(٦) زيادة من ت، أ.
(٧) في ت، أ: "يتمادون".