للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الصلاة، فقال محمد بن كعب: ليس هكذا، (وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ) الميت والمقتول و (الْمُسْتَأْخِرِينَ) من يُخلقُ بَعْدُ، (وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) فقال عون بن عبد الله: وفقك الله وجزاك خيرًا (١)

﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (٢٦) وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ (٢٧)

قال ابن عباس، ومجاهد، وقتادة: المراد بالصلصال هاهنا: التراب اليابس.

والظاهر أنه كقوله تعالى: ﴿خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ * وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ﴾ [الرحمن: ١٤ - ١٥]

وعن مجاهد أيضا: الصلصال: المنتن.

وتفسير الآية بالآية أولى (٢)

وقوله: (مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) أي: الصلصال من حمأ، وهو: الطين. والمسنون: الأملس، كما قال الشاعر (٣)

ثم خاصرتها إلى القبة الخضراء … تمشي في مرمر مسنون

أي: أملس صقيل.

ولهذا روي عن ابن عباس: أنه قال: هو التراب الرطب. وعن ابن عباس، ومجاهد، والضحاك أيضا: أن الحمأ المسنون هو المنتن. وقيل: المراد بالمسنون هاهنا: المصبوب.

وقوله: (وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ) أي: من قبل الإنسان (مِنْ نَارِ السَّمُومِ) قال ابن عباس: هي السموم التي تقتل.

وقال بعضهم: السموم بالليل والنهار. ومنهم من يقول: السموم بالليل، والحرور بالنهار.

وقال أبو داود الطيالسي: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق قال: دخلت على عَمْرو الأصم أعوده، فقال: ألا أحدّثك حديثا سمعته من عبد الله بن مسعود، يقول: هذه السموم جزء من سبعين جزءا من السموم التي خلق (٤) منها الجان، ثم قرأ: (وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ) (٥)

وعن ابن عباس: أن الجان خُلق من لهب النار، وفي رواية: من أحسن النار.

وعن عمرو بن دينار: من نار الشمس، وقد ورد في الصحيح: "خُلقت الملائكة من نور،


(١) تفسير الطبري (١٤/ ١٦).
(٢) في أ: "الأولى".
(٣) هو عبد الرحمن بن حسان، والبيت في اللسان، مادة (سنن).
(٤) في ت، أ: "خلق الله منها".
(٥) ورواه الطبري في تفسيره (١٦/ ٢١) من طريق شعبة به نحوه.