للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

صنعوا، وأنه قد اعتقد مواثيقهم من بعدك على النبوة (١).

هذا الأثر موقوف عن أنس، ويزيد الرقاشي وصالح المري (٢) ضعيفان جدا.

وذكر السدي: أن يعقوب، ، لما حضره الموت، أوصى إلى يوسف بأن يدفن عند إبراهيم وإسحاق، فلما مات صَبَّره وأرسله إلى الشام، فدفن عندهما، عليهم (٣) السلام.

﴿ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (١٠٢) وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (١٠٣)

يقول تعالى لعبده ورسوله محمد، صلوات الله وسلامه عليه، لما قص عليه نبأ إخوة يوسف، وكيف رفعه الله عليهم، وجعل له العاقبة والنصر والملك والحكم، مع ما أرادوا به من السوء والهلاك والإعدام: هذا وأمثاله يا محمد من أخبار الغيوب السابقة، (نُوحِيهِ إِلَيْكَ) ونعلمك به لما فيه من العبرة لك والاتعاظ لمن خالفك، (وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ) حاضرا عندهم ولا مشاهدا لهم (إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ) أي: على إلقائه في الجب، (وَهُمْ يَمْكُرُونَ) به، ولكنا أعلمناك به وحيا إليك، وإنزالا عليك، كما قال تعالى: ﴿وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ﴾ [آل عمران: ٤٤] وقال تعالى: ﴿وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾ [القصص: ٤٤] إلى أن قال: ﴿وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ﴾ [القصص: ٤٦] وقال ﴿وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ﴾ [القصص: ٤٥] وقال ﴿مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلإِ الأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ * إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ [ص: ٦٩، ٧٠]

يقرر تعالى أنه رسوله، وأنه قد أطلعه على أنباء ما قد سبق مما فيه عبرة للناس ونجاة لهم في دينهم ودنياهم؛ ومع هذا ما آمن أكثر الناس؛ ولهذا قال: (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ) وقال ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [الأنعام: ١١٦] إلى غير ذلك من الآيات.

﴿وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (١٠٤)

وقوله: (وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ) أي: وما تسألهم يا محمد على هذا النصح والدعاء إلى الخير والرشد من أجر، أي: من جُعَالة ولا أجرة على ذلك، بل تفعله ابتغاء وجه الله، ونصحا لخلقه.

إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ) أي: يتذكرون به ويهتدون، وينجون به في الدنيا والآخرة.


(١) تفسير الطبري (١٦/ ٢٨١).
(٢) في ت: "المزي".
(٣) في ت: "عليهما".